العجيب ، بهم قام الكتاب وبه قاموا ، وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا ، وبهم علم الكتاب وبه علموا ، ليس يرون نائلا مع ما نالوا ولا أمانى دون ما يرجون ولا خوفا دون ما يحذرون».
هكذا هم أولياء الله تعالى ، وكأن السيد المسيح ، عليهالسلام ، يصفهم بالضبط.
غير أنى لا أقول لك : اترك الدنيا كلها وراء ظهرك ، فما تقدم غير المسلمين عليهم إلا بالعلم والعمل ، فأمسك بطرف من الدنيا واعمل فيها للآخرة ، فاعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا ، وقل : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ) (البقرة : ٢٠١).
واعبد الله تعالى عبادة رجل مودع من هذه الحياة الدنيا.
هؤلاء هم أولياء الله (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) (يونس : ٦٤) بما أولاهم الكريم اللطيف العليم الخبير الرءوف الرحيم من خير الدارين بعد أن وقاهم الله من شرورهما.
أما بشرى الدنيا أن تأتيهم الملائكة عند الموت بالرحمة ، يقول تعالى : (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (فصلت : ٣٠) والبشرى أيضا فى الدنيا هى النصر وهى الفتح والثناء الحسن والذكر الجميل.
وأما البشرى فى الآخرة فتلقى الملائكة إياهم مسلّمين مبشرين بالفوز والكرامة وما يرون من بياض وجوههم وإعطاء الصحائف بأيمانهم وما يقرءون فيها من حسن أعمالهم ، وغير ذلك من البشارات.
والبشرى عموما فى الدارين هى البشارة بما يحقق نفى الخوف والحزن كائنا ما كان ، ذلك الفوز العظيم الذي لا فوز فوقه ولا وراءه.