فعل بقوم يونس ، عليهالسلام ، لما غشيهم العذاب وطلبوا يونس ففقدوه ورجعوا إلى الله عزوجل بصدق الضرورة قبل منهم العذر وكشف عنهم الضر ، قال عز من قائل : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) (١).
حكى أن رجلا من بنى إسرائيل بلغ رتبة الصديقين ، فذبح يوما عجلا بين يدى أمه فأسقطه الله عن مقامه وسلبه قلبه ، فكان يهيم على وجهه يهزأ منه الصبيان ، فمر يوما فى هيمانه بفراخ طير قد وقعن من العش وقد غاب الطير فرحمهن فردهن إلى العش ، فلما عاد الطائر شكر إليه الفراخ فشكر الطائر الله تعالى فرد الله سبحانه إلى ذلك الرجل قلبه وأعاد وقته وبلغه رتبة الأنبياء وجعله نبيا.
ويروى عن أبى الدرداء أنه قال : إن العبد يكون له وقت طيب فيأمر الله جل جلاله جبريل عليهالسلام أن يرفع ذلك عن قلبه ، فإن صاح العبد إلى الله تعالى بالدعاء والرغبة رده إليه وزاده ، وإن لم يبال به لم يصل إلى ذلك أبدا ، وكان ذلك منه نقمة ، وقد يكون العبد يستجير بربه عقب زلته بلا فصل فتتداركه الرحمة قبل حلول النقمة فيؤويه إلى كشف ستره ويعجل له المغفرة بلطيف بره.
يحكى أن بعض الأنبياء سرق له حمار فقال : إلهى نبيك سرق حماره ، فاطلعنى عليه ، فأوحى الله إليه أن ذلك الرجل الّذي سرق حمارك سألنى أن أستره وأنا لا أريد رده ولا ردك ، فخذ منى حمارا آخر حتى لا يفتضح ذلك الرجل ، أعاذنا الله من أليم نقمته ، وأكرمنا بجميل رحمته بجوده ومنته.
__________________
(١) يونس : ٩٨.