(طه : ١٠٨) والّذي يشهد لهذه الجملة أن التشهد إخبار عن ثناء الرسول صلىاللهعليهوسلم على ربه ليلة المعراج حيث قال : «التحيات لله المباركات ، والصلوات الطيبات لله».
وفى هذا إشارة إلى الفرق بين الحبيب والخليل ، فإن إبراهيم عليهالسلام قال : (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً) (الأنعام : ٧٩) فجعل محل قوله القيام وجعل محل قول الرسول صلىاللهعليهوسلم القعود ، فكم بين من يتكلم قائما فى نطاق الخدمة ، وبين من يثنى جالسا على بساط القربة ، وقوله تعالى : (وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) كان الواجب أن يكون بين ذينك ولكن اكتفى بذكر أحدهما عن الآخر ومثاله كثير كقوله عزوجل (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ) ولم يقل وإنهما ، وغير ذلك ، وأراد : وابتغ بين الجهر والمخافتة سبيلا ، وبهذا تأدب أهل الحق حيث آثروا فى كل شيء طريقا بين طريقين : تجنبوا التقصير وتنكبوا الغلو ، وهذا ظاهر فى أحوالهم واعتقاداتهم ، وربما نشرح ذلك فى غير هذا الموضع ، إن شاء الله تعالى.
* * *