من تشبّه الألف فيها بألف (رمى) إذا اتّصل بالمضمر المرفوع نحو رميت دون المنصوب نحو رماك ، نظرا إلى أنّ الجارّ مع الضمير المجرور كالكلمة الواحدة ، كالرافع مع الضمير المرفوع ، بخلاف الناصب مع المنصوب.
إذ فيه ما لا يخفى ، بل العمدة فيه هو السماع.
وإيثار الموصولة على غيرها للتكريم ولتفخيم المنزل وإجمال المفصّل.
وإيثار (يُؤْمِنُونَ) على آمنوا للتنبيه على أنّ إيمانهم لم يكمل بعد عرضا لعدم نزول كثير من الأحكام والشرائع الّتي أجلّها نصب وصيّه مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام الّذي به يكمل الدين ويتمّ النعمة ، وطولا لاختلاف مراتب الإيمان وتدرّجه كمالا وشرفا الى أن ينتهي الى أعلى مراتب اليقين.
وقضيّة عموم الموصولة شمولها لجميع ما أنزل إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم من القرآن والشرائع والأحكام ، والتعبير فيه بلفظ الماضي مع ترقّب البعض لنزول الكلّ عليه في عالم آخر سابق على هذا العالم ، أو لتغليب المتحقّق على المترقّب ، او لتنزيل المتوقع منزلة الواقع على ما هو مقتضى الإيمان كما في قوله :
(إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى) (١) فإنّ الجنّ لم يسمعوا جميعه بل لم ينزل حينئذ كلّه.
وبناء الفعل للمفعول لتعظيم الفاعل ، وتكرير الموصولة لاختلاف المنزل إن كان المراد الفروع ، وزيادة الاهتمام بالإيمان به إن أريد الأصول ، فإنّ الشرائع كلّها متفقة على الأمر والإيصاء بها.
ومن هنا يظهر أنّ للإيمان بما في الكتب السابقة معنيين : الإيمان بكونه حقّا منزلا من عند الله سبحانه ، والإيمان بمقتضياته وما فيه يكمل بالعمل ، لكنّه في المقام
__________________
(١) الأحقاف : ٣٠.