ومنها : النّباتات المتنوّعة (وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (١) ، فاختلاف ألوانها دلالة واختلاف طعومها دلالة واختلاف روائحها دلالة.
فمنها قوت البشر ومنها قوت البهائم (كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ) (٢).
ومنها : الطعام ، ومنها الإدام ، ومنها الدّواء ، ومنها الفواكه ، ومنها كسوة البشر نباتيّة كالقطن والكتان وحيوانيّة كالشعر والصّوف والإبريسم والجلود.
ومنها الأحجار المختلفة بعضها للزّينة وبعضها للأبنية فانظر إلى الحجر الّذي تستخرج منه النّار مع كثرته ، وانظر إلى الياقوت الأحمر مع عزّته ، وانظر إلى كثرة النفع بذلك الحقير وقلّة النفع بهذا الخطير.
ومنها : ما أودع الله تعالى فيها من المعادن الشّريفة كالذّهب والفضّة.
ثمّ تأمّل أنّ البشر استنبطوا الحرف الدّقيقة والصّنائع الجليلة واستخرجوا الدّرّ من قعر البحر.
واستنزلوا الطير من أوج الهواء ، وعجزوا من اتّخاذ الذّهب والفضّة والسّبب فيه ان معظم فائدتهما ترجع إلى الثمينة وهذه الفائدة لا تحصل إلّا عند العزّة والقدرة على اتّخاذهما تبطل هذه الحكمة فلذلك ضرب الله دونهما بابا مسدودا ومن هاهنا اشتهر في الألسنة من طلب المال بالكيمياء أفلس.
ومنها : ما يوجد على الجبال والأراضي من الأشجار الصّالحة للبناء والسّقف والحطب وما اشتدّ إليه الحاجة في الخبز والطّبخ ، ولعلّ ما تركناه من المنافع أكثر مما عددناه فإذا تأمّل العاقل في هذه الغرائب والعجائب اعترف بمدبّر حكيم وخالق عليم ان كان ممّا يسمع ويبصر ويعتبر.
__________________
(١) ق : ٧.
(٢) طه : ٥٤.