قال الخبّاز : إنّ هذا رجل أصاب كنزا.
فقال الملك : يا فتى ، لا تخف ، فإنّ نبيّنا عيسى عليهالسلام أمرنا أن لا نأخذ من الكنز إلّا خمسها ، فأعطني خمسها وامض سالما ، فقال تمليخا : انظر أيّها الملك في أمري ما أصبت كنزا ، أنا رجل من أهل هذه المدينة ، فقال الملك : أنت من أهلها؟
قال : نعم ، قال : فهل تعرف بها أحدا؟ قال : نعم ، قال : ما اسمك؟
قال : اسمي تمليخا ، قال : وما هذه الأسماء أسماء أهل زماننا. فقال الملك : هل لك في هذه المدينة دار؟ قال : نعم ، اركب أيّها الملك معي.
قال : فركب والناس معه فأتى بهم إلى أرفع دار في المدينة ، قال تمليخا : هذه الدار لي ، فقرع الباب فخرج إليهم شيخ كبير قد وقع حاجباه على عينيه من الكبر ، فقال : ما شأنكم؟
فقال الملك : أتانا هذا الغلام بالعجائب ؛ يزعم أنّ هذه الدار داره ، فقال له الشيخ : من أنت؟ قال : أنا تمليخا بن قسطيكين (١) ، قال : فانكبّ الشيخ على رجليه يقبّلها ، ويقول : هو جدّي وربّ الكعبة.
فقال : أيّها الملك ، هؤلاء الستّة الذين خرجوا هرابا من دقيوس الملك ، فنزل الملك عن فرسه ، وحمله على عاتقه ، وجعل الناس يقبّلون يديه ورجليه ، فقال : يا تمليخا ، ما فعل أصحابك؟ فأخبر أنّهم في الكهف ، وكان يومئذ بالمدينة ملك مسلم وملك يهودي.
فركبوا في أصحابهم ، فلمّا صاروا قريبا من الكهف قال لهم تمليخا : إنّي أخاف أن يسمع أصحابي أصوات حوافر الخيول ، فيظنّون أنّ دقيوس الملك قد جاء في طلبهم ، ولكن أمهلوني حتّى أتقدّم إليهم فأخبرهم ، فوقف الناس.
فأقبل تمليخا حتّى دخل الكهف ، فلمّا نظروا إليه اعتنقوه وقالوا : الحمد لله
__________________
(١) في «ر» «س» : (كسطيكين).