أبو بكر وقام رسول الله صلىاللهعليهوآله وكبّر وابتدأ بالصلاة.
فلمّا سلّم وانصرف إلى بيته استدعى أبا بكر وعمر وجماعة من حضر المسجد وقال : ألم آمركم أن تنفّذوا جيش أسامة؟ فقال أبو بكر : إنّي كنت خرجت ، ثمّ عدت لأحدث (١) بك عهدا ، وقال عمر : إنّي لم أخرج لأنّي لم أحبّ أن أسأل عنك الركب ، فقال صلىاللهعليهوآله : نفّذوا جيش أسامة ، يكرّرها ثلاث مرّات ، ثمّ أغمي عليه من التعب الذي لحقه.
ثمّ أفاق وقال : ائتوني بدواة وكتف (٢) أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده أبدا ، فقال عمر لمن قام يلتمس الدواة والكتف : ارجع فإنّه يهجر. فلمّا أفاق ، قال بعضهم : ألا نأتيك يا رسول الله بدواة وكتف؟ فقال : «بعد الذي قلتم؟ لا. ولكن احفظوني في أهل بيتي ، وأطعموا المساكين ، وحافظوا على الصلاة ، وما ملكت أيمانكم» فلم يزل يردّد ذلك ، ثمّ أعرض بوجهه عن القوم ، فنهضوا وبقي عنده عليّ والعبّاس والفضل وأهل بيته ، فقال العبّاس : يا رسول الله ، إن يكن هذا الأمر مستمرّا فينا (٣) من بعدك فبشّرنا وإن كنت تعلم أنّنا نغلب عليه فأوص بنا ، فقال صلىاللهعليهوآله : أنتم المستضعفون من بعدي وأصمت ونهض القوم وهم يبكون.
فلمّا خرجوا من عنده ، قال : ردّوا عليّ أخي عليّ بن أبي طالب وعمّي ، فلمّا استقرّ بهما المجلس ، قال : يا عمّ ، تقبل وصيّتي وتنجز وعدي وتقضي ديني؟
فقال : يا رسول الله ، عمّك شيخ كبير ذو عيال وأنت تباري الريح سخاء ، ثمّ قال لعليّ عليهالسلام : يا عليّ ، تقبل وصيّتي وتنجز عدتي وتقضي ديني؟ فقال : نعم يا رسول الله.
__________________
(١) في «ر» «س» : (رجعت) ، وفي «ص» : (خرجت) ، وفي البحار : (عدت لأجدد).
(٢) قال في النهاية ٤ : ١٥٠ : الكتف عظم عريض يكون في أصل كتف الحيوان من الناس والدواب ، كانوا يكتبون فيه لقلّة القراطيس عندهم.
(٣) في إعلام الورى : (إن يكن هذا الأمر فينا مستقرّا).