ولمّا كانت حجّية خبر الثقة إلزاميّة ، فعند تعارض الخبرين يلزم الإشكال ، فإنّ التعويل على المتعارضين لا يجوز عقلاً ، ولمثل هذا يسأل المعصوم عن الخبرين المتعارضين ويتفضّل بالجواب ، كما في الأخبار العلاجيّة.
٤ ـ والحجج الإرشادية الشرعية : التي يجوز التعويل عليها في الشرع هي الفقهاء وأهل الذكر ورواة الأحاديث والناظرون في الحلال والحرام ، فيجوز ابتداءً الأخذ بآرائهم وأقوالهم وفتاواهم إلّا أنّه إذا رجع إلى أحدهم فإنّه تصير حجّة إلزاميّة له ، وإذا رجع إلى آخر فيكون الآخر إلزاميّاً ، ويعود قول من رجع عنه إلى حجّة إرشاديّة ، ومن الواضح عدم وقوع المعارضة بين الحجج الإرشاديّة لعدم وجوب الأخذ بكلّ منهم ، ولذلك لم يقع سؤال عن المعصوم (عليهالسلام) عن حكم اختلاف فقيهين في الفتوى مع كثرة اختلاف الفقهاء في الفتيا (١).
وممّا يستدلّ به على جواز الرجوع إلى المفضول مع وجود الأفضل في التقليد هو سيرة أبناء العامّة ، فإنّها كانت في عصر المعصومين (عليهمالسلام) على مرأى ومسمع منهم ، فإنّهم يرجعون إلى أيّ واحد من فقهائهم ، فلو كانت غير مرضيّة لهم لأخبروا شيعتهم بذلك ، كما أخبروا ببطلان القياس والاجتهاد بالرأي ، وهذه السيرة في الأُمور الشرعيّة نظير السيرة العقلائيّة في الأُمور العاديّة.
وأُجيب : بإنكار الأئمة (عليهمالسلام) بأصل الرجوع إليهم مطلقاً ، بل عند المعارضة
__________________
(١) اقتباس من الاجتهاد والتقليد ؛ لسيّدنا الصدر (قدسسره) : ٢١٠.