عن الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري.
وعلى ضوء ذلك فالعلم الإجمالي يوجب تنجّز التكليف لو لم يمنع عنه مانع عقلاً ، كما في أطراف كثيرة غير محصورة ؛ أو شرعاً ، كما إذا أذن الشارع في الاقتحام في المحصورة ـ بناء على شمول قوله : كلّ شيء فيه حلال وحرام ، فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه لأطراف العلم الإجمالي ـ كلّ ذلك دليل على أنّ العلم الإجمالي مقتض للتنجز لو لم يمنع عنه مانع.
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره إنّما يصحّ فيما إذا علم التكليف عن طريق إطلاق الحجّة ، كما إذا قال : اجتنب عن الدم ، وكان مقتضى الإطلاق لزوم الاجتناب عن الدم المعلوم بالتفصيل أو بالإجمال ، ففي مثل ذلك يمكن دعوى أنّ العلم الإجمالي ليس بعلّة تامة بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية ، بل هو مقتض بالنسبة إليهما ، وأمّا إذا كان هناك علم وجداني بالحكم بحيث يعلم انّ المولى لا يرضى بتركه أبداً سواء كان معلوماً بالتفصيل أو بالإجمال ، فادّعاء كونه مقتضياً بالنسبة إليهما كما ترى.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني استعرض نظرية الشيخ ـ أعني : كون العلم الإجمالي علّة تامة لحرمة المخالفة القطعية ومقتضياً بالنسبة إلى الموافقة القطعية ـ فرد عليه بقوله : « فضعيف جداً » ضرورة انّ احتمال ثبوت المتناقضين كالقطع بثبوتهما في الاستحالة ، فلا يكون عدم القطع بذلك معها ، موجباً لجواز الإذن في الاقتحام بل لو صحّ معها الإذن في المخالفة الاحتمالية صحّ في القطعية أيضاً ». (١)
توضيحه : أنّ احتمال جعل المتناقضين محال كالقطع بجعل المتناقضين ، ففي مجال جعل الترخيص بالنسبة إلى كلا الطرفين قطع بالتناقض ، وبالنسبة إلى
__________________
١. كفاية الأُصول : ٣٦.