العقلاء وأفعالهم وأقوالهم.
وأمّا إذا لم يكن الشخص مقصوداً بالإفهام ، فلا ينحصر سبب وقوعه في خلاف المقصود بالأمرين ، بل هناك سبب ثالث وهو انّه إذا لم نجد في آية أو رواية ما يكون صارفاً عن ظاهره ، واحتملنا انّ المخاطب قد فهم المراد بقرينة قد اختفت علينا فلا يكون هذا الاحتمال لغفلة من المتكلّم إذ لا يجب على المتكلّم إلانصب القرينة لمن يقصد إفهامه ، كما أنّه ليس اختفاء القرينة مسبّباً عن غفلة الآخر ، بل دواعي الاختفاء أمر خارج عن اختياره ، فعندئذ لا يوجب الظنَّ بالمراد. (١)
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ جميع الاحتمالات التي تصدّنا عن الأخذ بالظواهر مرجوحة عند العقلاء ، فكما أنّ غفلة المتكلّم عن نصب القرينة ، أو غفلة المخاطب عن الالتفات إلى ما اكتُنف به الكلام من القرينة ، أمر مرجوح ، فهكذا احتمال وجود قرينة سابقة على الكلام أو قرينة حالية غير منقولة في الكلام ، أمر مرجوح لا ينقدح في ذهن العقلاء.
نعم لو جرت سيرة المتكلّم على فصل القرائن عن الكلام ، كما هو الحال بين المقنّنين ، لزم على المخاطب الفحصُ عن القرائن ، والعمل بالظواهر بعد اليأس عن الظفر بها.
وثانياً : انّ الغرض من نقل الأسئلة والأجوبة هو إفادة الغير واستفادته ، فإذا كان الناقل عارفاً بأسلوب الكلام فلا يخلّ بذكر القرائن المؤثرة في انعقاد الظهور ، فعدم ذكره ناش إمّا من عدم عرفانه بأسلوب النقل ، أو كونه غير أمين ، والكلّ مندفع.
إن قلت : إنّ الأخبار الصادرة عن الأئمّة لم تصل إلينا إلا مقطعة بحيث كانت الأُصول الأوّلية التي اعتمد عليها أرباب الكتب الأربعة ، على غير هذا
__________________
١. الفرائد : ٤١ ، طبعة رحمة اللّه.