النحو ، فعملية التبويب أوجبت التقطيع فمن المحتمل وجود قرينة مؤثرة في انعقاد الظهور وقد اختفت علينا بسبب التقطيع.
قلت : إنّ التقطيع حصل بأيدي أبطال الحديث كالكليني والشيخ وغيرهما ، فلو كانت في الكلام قرينة مؤثرة في انعقاد الظهور ، لما تركوا نقلها.
وربّما يجاب عن الشبهة بأنّ الأجوبة الصادرة عن الأئمّة ليست إلا كالكتب المؤلفة التي ذهب المحقّق القمي فيها إلى الحجّية بالنسبة إلى المشافه وغير المشافه ، وذلك لأنّ الأحكام لمّا كانت مشتركة بين الأُمّة يجري الخطاب الخاص مجرى الخطاب العام في أنّ الغرض نفس الكلام من غير دخل في إفهام مخاطب خاص. (١)
يلاحظ عليه : أنّ كون الحكم مشتركاً غير كون الخطاب مشتركاً وعاماً ، وكون الحكم متوجهاً إلى الكلّ غير كون الخطاب متوجهاً إليهم ، فإذا كانت الخطابات شخصية يأتي فيها ما احتمله المحقّق القمي من اعتماد المتكلّم على القرائن المنفصلة والمتصلة غير المنقولة أو الحالية غير القابلة للنقل.
وربما يجاب بجواب ثان وهو : انّه إذا كان الراوي الأوّل مقصوداً بالخطاب للإمام يكون الراوي الثاني مقصوداً بالخطاب للراوي الأوّل ، وهكذا إلى أن يصل إلى أصحاب الجوامع ، فالمقصود بالإفهام هو كلّ من نظر فيها ، فلا يترتب على ذلك التفصيل ثمرة عملية. (٢)
والحاصل : انّ هذه التفاصيل من الشبهة والأجوبة نتيجة جعل الظواهر من الظنون ، فلو كان مختار القوم ما ذكرنا لما كان لهذه البحوث محل.
____________
١. تهذيب الأُصول : ٢ / ٩٥.
٢. مصباح الأُصول : ٢ / ١٢٢.