وأمّا الثاني : « الرأي » فهو بمعنى الميل إلى أحد الجانبين وترجيحه اعتماداً على الظن الذي لم يدل عليه دليل ، يقول الراغب : الرأي : اعتقاد النفس أحد النقيضين عن غلبة الظن ، ويؤيده إضافته إلى الشخص أي « برأيه ».
وقد ورد في بعض الروايات مكان الرأي « بغير علم » : « من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النار ». ويوضحه قول أبي جعفر عليهالسلام : « من أفتى الناس برأيه فقد دان اللّه بما لا يعلم ، ومن دان اللّه بما لا يعلم فقد ضاد اللّه حيث أحلّ وحرم فيما لا يعلم ». (١) وفي رواية أُخرى عن علي عليهالسلام في كلام له : « انّ المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه ولكن آتاه عن ربّه فأخذ به ». (٢)
إذا عرفت معنى التفسير أوّلاً ، ثمّ الرأي ثانياً ، نقول : إنّ حمل الظاهر في معنى ، على أنّه مراد المتكلّم ، ليس من مقولة التفسير ، إذ ليس هنا أمر مستور كشف عنه ، فالاستدلال بإطلاق الظاهر أو عمومه ، ليس تفسيراً ، ورافعاً لإبهامه بل هو من قبيل تطبيق الظاهر على مصاديقه ، والتفسير عبارة عن كشف القناع عن وجه الآية ، كالغطاء الموجود في الصلاة الوسطى في قوله سبحانه : ( حافِظُوا عَلى الصَّلواتِ والصَّلاة الوُسْطى ) (٣) فتفسيرها بواحدة منها ، تفسير ومثله قوله : ( وَإِذا وَقَعَ الْقَولُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دابّةً مِنَ الأَرضِ تُكَلِّمُهُمْ أنّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُون ) (٤) فانّ الآية قد أحاطها الإبهام من وجوه ، ولعلّها أبهم آية وردت في القرآن الكريم ، ولم يتسنّ لأحد من المفسّرين كشف قناعها وإن حاولوا لأن يقفوا على مغزاها ، إذ فيها إبهامات :
__________________
١ و ٢. الوسائل : الجزء ١٨ ، الباب ٦ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٢ و ١٤ ؛ ولاحظ الحديث ٢١ ، ٢٨ ، ٣٠ ، ٣٣ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٥٠.
٣. البقرة : ٢٣٨.
٤. النمل : ٨٢.