ومختلف المصالح في مختلف البيئات.
ثمّ قاس فكرة الإجماع بالشورى وقال : ومنشأ فكرة الإجماع انّ الإسلام أساسه في تدبير شؤون المسلمين ، الشورى ، وأنْ لايستبد أُولي الأمر منهم بتدبير شؤونهم سواء أكانت تشريعية ، أم سياسية ، أم اقتصادية ، أم إدارية أم غيرها من الشؤون ، قال اللّه تعالى مخاطباً رسوله : ( فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْلَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) (١) ، ولم يخص سبحانه بالمشاورة أمراً دون أمر ... ليشعرهم أنّ الشورى من عمد دينهم كإقامة الصلاة.
وعلى هذا الأساس كان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يستشير رؤوس صحابته في الأُمور التي لم ينزل وحي من ربِّه ، وممّا كان يستشيرهم فيه التشريع فيما لم ينزل فيه قرآن ـ إلى أن قال : ـ فلمّا توفّي رسول اللّه وواجهت أصحابه وقائع عديدة لم ينزل فيها قرآن ولم تمض فيها من الرسول سنّة سلكوا السبيل الذي أرشدهم إليه القرآن وهو الشورى ، والذي سلكه الرسول فيما لم ينزل فيه قرآن وهو الشورى.
إلى أن استنتج في كلامه المسهب ما هذا نصّه : ومن هنا يتبيّن أنّ إجماع الصحابة ما كان إلا اتّفاق من أمكن اجتماعهم من رؤوسهم وخيارهم على حكم واقعة لم يرد نص بحكمها ، وأنّ الذي دعاهم إلى اتّباع هذا السبيل هو العمل بالشورى التي أوجبها اللّه وسار عليها الرسول ، وتنظيم اجتهاد الأفراد فيما لا نصّ فيه ، فبدلاً من أن يستقل كلّ فرد من خيارهم بالاجتهاد في هذه الوقائع اجتمعوا وتشاوروا وتبادلوا الآراء ، والخليفة ينفذ الحكم الذي اتّفقوا عليه. (٢)
ولا يخفى ما في كلمات الأُستاذ من الخلط.
أمّا أوّلاً : فقد تضافرت الآيات القرآنية على أنّ التشريع حقّ مختص باللّه
__________________
١. آل عمران : ١٥٩.
٢. مصادر التشريع الإسلامي : ١٦٦ ـ ١٦٧.