البيان الثالث
وهناك بيان ثالث للشيخ ربما يكون أمتن منهما ولا يرد عليه واحد من الإشكالين ، وقد جعل فيه ملاك البراءة والاشتغال عدم نهوض دليل على ثبوت العقاب أو نهوضه من غير نظر إلى كون الشكّ في التكليف أو كون الشكّ في المكلّف به ، نعم الغالب على الأوّل عدم نهوض الدليل على العقاب وعلى الثاني نهوضه عليه ، وإليك نصّه :
إنّ حكم الشكّ إمّا أن يكون ملحوظاً فيه اليقين السابق عليه وإمّا أن لا يكون ، سواء لم يكن يقين سابق عليه أو كان ولم يلحظ ، والأوّل مورد الاستصحاب ، والثاني إمّا أن يكون الاحتياط فيه ممكناً أم لا ، والثاني مورد التخيير ، والأوّل إمّا أن يدل دليل عقلي أو نقلي على ثبوت العقاب بمخالفة الواقع المجهول أو لا ، والأوّل مورد الاحتياط والثاني مورد البراءة. (١)
وقد تبع المحقّق الخراساني كلام الشيخ في تعليقته وقيد مجرى البراءة بما إذا لم يكن هناك حجّة ناهضة على التكليف في البين عقلاً ونقلاً. (٢)
أمّا عدم ورود الإشكالين فواضح :
أمّا الأوّل : فلأنّ عدم جريان البراءة في الموارد الثلاثة لنهوض الدليل على العقاب ، وأمّا الثاني : فلنهوض الدليل على عدم العقاب من حيث استلزامه العسر والحرج المنفيين في الشرع.
وعلى هذا فيكون مجرى كلّ واحد مشخصاً من دون أن يتداخل أحدهما في الأمر بالنحو التالي :
__________________
١. الفرائد : رسالة البراءة : ١٩٢ ، طبعة رحمة اللّه.
٢. تعليقة المحقق الخراساني على الفرائد : ٣.