وعلى هذا يرد على التقريرين أمران :
الأمر الأوّل : انّ الشكّ في التكليف ليس ملاكاً للبراءة ، ولا الشكّ في المكلف به ملاكاً للاحتياط بل ربّ شك في التكليف يجب فيه الاحتياط ، كما أنّ ربّ شك في المكلّف به لا يجب فيه الاحتياط.
أمّا الأوّل ، فكالشكّ قبل الفحص ، أو كون الشكّ متعلقاً بالدماء والأعراض والأموال أو إذا دار الأمر بين وجوب شيء ، وحرمة شيء آخر ، حيث إنّ المعلوم جنس التكليف لا نوعه ، فالجميع من قبيل الشكّ في التكليف مع أنّه يجب فيه الاحتياط مثلاً يجب في الأخير فعل الأوّل وترك الثاني.
ويمكن دفع الأوّلين ، بأنّ الفحص من شرائط جريان البراءة لا من شرائط العمل ، فلا موضوع لها قبله ، كما أنّ وجوب الاحتياط لدليل ثانوي من الإجماع وغيره ولولاه لكانت البراءة جارية.
نعم يبقى المورد الثالث باقياً بحاله والاحتيال بجعله من قبيل العلم بالنوع بأنّ مرجعه إلى الشكّ إلى العلم بوجوب فعل هذا ، أو وجوب ترك ذاك ، تكلّف جدّاً.
وأمّا الثاني فكما إذا كان أطراف الشبهة غير محصورة ، فلا يجب الاحتياط مع كون الشكّ من قبيل الشكّ في المكلّف به.
الأمر الثاني : انّ نوع التكليف في مجرى التخيير ، أعني : دوران الأمر بين المحذورين ، مجهول ، وعلى هذا فهو من قبيل الشكّ في التكليف ، لكنّه جعله قسيماً لكلا الأمرين في البيان الأوّل ، وقسماً من الشكّ في المكلّف به في البيان الثاني ، في غير محله.
هذا ما يرجع إلى البيانين الموجودين في أوّل رسالة القطع.