١. استكشاف قوله عليهالسلام بقاعدة اللطف
وحاصل تقريره : أن يستكشف عقلاً رأي الإمام عليهالسلام من اتّفاق من عداه من العلماء على حكم ، وعدم ردّهم عنه ، نظراً إلى قاعدة اللطف التي لأجلها وجب على اللّه نصب الحجّة المتصف بالعلم والعصمة ، فانّ من أعظم فوائده ، حفظ الحقّ وتمييزه من الباطل كي لا يضيع بخفائه ويرتفع عن أهله أو يشتبه بغيره ، وتلقينهم طريقاً يتمكن العلماء وغيرهم من الوصول به إليه ومنعهم وتثبيطهم عن الباطل أوّلا ، أو ردهم عنه إذا أجمعوا عليه. (١)
وممّن ذهب إلى اعتبار الإجماع من هذه الجهة ، الشيخ الكراجكي قال : كثيراً ما يقول المخالفون : إذا كنتم قد وجدتم السبيل إلى علم تحتاجونه من الفتاوى المحفوظة عن الأئمّة المتقدّمين ، فقد استغنيتم بذلك عن إمام الزمان ، فأجاب إلى فائدة وجوده أيضاً بأنّه يكون من وراء العلماء ، وشاهداً لأحوالهم عالماً بأخبارهم ، إن غلطوا هداهم ، أو نسوا ذكرهم. (٢)
وممّن أيّد هذه القاعدة المحقّق الداماد ، قال : ومن ضروب الانتفاعات أن يكون حافظاً لأحكامهم الدينية على وجه الأرض عند تشعّب آرائهم ، واختلاف أهوائهم ، ومستنداً لحجّية إجماع أهل الحلّ والعقد ، فانّه عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف لا يتفرّد بقول ، بل من الرحمة أن يكون من المجتهدين من يوافق رأيه رأي إمام عصره وصاحب أمره ، يطابق قوله قوله.
وقد نقل عن شريف العلماء انّه قال : فانّ وجود الإمام في زمن الغيبة لطف قطعاً ، ومن ذلك حفظ الشريعة وردّ المجمعين على الباطل وإرشادهم إلى
__________________
١. كشف القناع : ١١٤.
٢. كشف القناع : ١٤٥.