أ : روى سلمة بن محرز قال : قلت لأبي عبد اللّه عليهالسلام : إنّ رجلاً مات وأوصى إلي بتركته وترك ابنته ، قال : فقال لي : « إعطها النصف » ، قال : فأخبرت زرارة بذلك ، فقال لي : اتقاك ، إنّما المال لها ، قال : فدخلت عليه بعد ، فقلت : أصلحك اللّه! إنّ أصحابنا زعموا انّك اتقيتني؟ فقال : « لا واللّه ما اتّقيتك ، ولكنّي اتّقيت عليك أن تضمن ، فهل علم بذلك أحد؟ » قلت : لا ، قال : « فاعطها ما بقي ». (١)
ترى انّ الشهرة الفتوائية بلغت من حيث القدر والمنزلة عند الراوي إلى درجة منعته عن العمل بنفس الكلام الذي سمعه من الإمام فتوقف حتى رجع إلى الإمام ثانياً.
وربّما كانوا لا يتوقفون عن العمل ويقدّمون المشهورة على المسموع من نفس الإمام شخصيّاً.
ب : روى عبد اللّه بن محرز بيّاع القلانص قال : أوصى إلي رجل وترك خمسمائة درهم أو ستمائة درهم ، وترك ابنة ، وقال : لي عصبة بالشام ، فسألت أبا عبد اللّه عليهالسلام عن ذلك ، فقال : « اعط الابنة النصف ، والعصبة النصف الآخر » ، فلما قدمت الكوفة أخبرت أصحابنا فقالوا : اتقاك ، فأعطيت الابنة النصف الآخر ، ثمّ حججت فلقيت أبا عبد اللّه عليهالسلام فأخبرته بما قال أصحابنا وأخبرته انّي دفعت النصف الآخر إلى الابنة ، فقال : « أحسنت ، إنّما أفتيتك مخافة العصبة عليك ». (٢)
وعلى ضوء هذه الأحاديث تعرف مكانة الشهرة الفتوائية ، عند أصحاب الأئمّة ، ومعه لا يصحّ لفقيه الإعراض عن الشهرة للأصل أو الرواية الشاذة.
فتبين أنّ الشهرة الفتوائية في المسائل المتلقاة ( وإن شئت سمّه الفقه المنصوص ) داخلة في مفاد المقبولة لو قلنا بكشفها عن الخبر ( المعمول به ) أو
__________________
١. الوسائل : ج١٧ ، الباب ٤ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ، الحديث ٣.
٢. المصدر نفسه ، الباب ٥ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ، الحديث ٤.