الأول : المخالفة بالتباين الكلي
الروايات النافية لحجية الخبر المخالف للكتاب ناظرة إلى المخالفة معه تماماً وهذا ما يعبر عنه بالتبائن الكلي ، ومصبّها مقامات الأئمة والأولياء حيث إن ظاهرة الغلو بدت في عصر الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام فنمت إلى ان بلغت الذروة في عصر الصادق والكاظم والرضا عليهمالسلام ، فكان هناك أُناس يضعون الأحاديث في حق الأئمة إمّا تشويهاً لسمعتهم حتى ينفض الناس من حولهم ، بحجّة أنهم يقولون خلاف القرآن والسنة النبويّة ، أو لغاية الاستئكال بالأحاديث حيث كانوا يملكون قلوب عواب الشيعة والسُّذّج منهم ، بالغلو في حقهم ، وقد احتفلت كتب الملل والنحل بهذه الفرق كالخطابية ، والنُّصيرية.
روى الكشي ، قال يحيى بنعبد الحميد الجمالي ـ في كتابه المؤلف في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام ـ : قلت لشريك : إنّ أقواماً يزعمون أن جعفر بن محمد ضعيف الحديث ، فقال : أخبرك القصة ، كان جعفر بن محمد رجلاً حالحاً مسلماً ورعاً ، فاكتنفه قوم جهّال يدخلون عليه ويخرجون من عنده ويقولون : حدّثنا جعفر بن محمد ، ويحدثون بأحاديث كلّها منكرات كذب موضوعة على جعفر ليستأكلون الناس بذلك ، ويأخذون منهم الدراهم ، كانوا ياتن من ذلك بكل منكر ، فسمعت العوام بذلك منهم ، فمنهم من هلك ومنهم من أنكر. (١)
وقد عالج الأئمة هذه الظاهرة الخبيثة ، بأمر الشيعة بعرض الروايات على القرىن فما وافق أُصول التوحيد بمراتبها والعد ، يؤخذ به ، وما خالف فلا يؤخذ به ، روى الكشي عن ابن سنان قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : « انّا أهل البيت صادقون
ــــــــــــــــــ
١. البحار : ٢٥ / ٣٠٢ ، الحديث ٦٧.