الدليل الثالث : الإجماع
ادّعى السيد المرتضى وغيره ـ من أعلام القدماء ـ عدم جواز العمل بخبر الواحد ، وأنّه كالقياس من شعار الشيعة ، وأكثر من ركز على ذلك ، هو السيد المرتضى وابن إدريس.
يلاحظ عليه : أوّلاً : أنّ ادّعاء إجماع السيد ، يتعارض مع ادّعاء الشيخ الإجماع على العمل به ، يقول في العدّة : والذي يدل على ذلك إجماع الفرقة المحقّة ، فانّي وجدتها مجمعة على العمل بهذه الأخبار التي رووها في تصانيفهم ودوّنوها في أُصولهم ، لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعونه ، حتى أنّ واحداً منهم إذا أفتى بشيء لا يعرفونه سألوه من أين قلت هذا؟ فإذا أحالهم على كتاب معروف أو أصل مشهور وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه سكتوا. (١)
وثانياً : أنّ عبارة السيد وإن كانت مطلقة ، لكنّها ناظرة إلى الأخبار التي رواها المخالفون ، وبذلك أوّل الشيخ كلام أُستاذه. حيث قال : فإن قيل كيف تدّعون الإجماع على الفرقة المحقة في العمل بخبر الواحد والمعلوم من حالها انّه لا ترى العمل بخبر الواحد ، كما أنّ المعلوم من حالها انّها لا ترى العمل بالقياس؟
فأجاب : المعلوم من حالها الذي لا ينكر ولا يدفع أنّهم لا يرون العمل بخبر الواحد ، الذي يرويه مخالفهم في الاعتقاد ويختصون بطريقه. (٢)
__________________
١. العدة : ١ / ١٢٦.
٢. لاحظ العدة : ١ / ١٢٧ ـ ١٢٨.