ج : لازم ذلك أن يكون النافرون أفقه من الذين بقوا في المدينة وتعلموا من النبي كلّ آية نزلت وحديث صدر.
د : القول بأنّ المراد من ( ولينذروا ) هو إنذار قومهم الكافرين كي لا يقاتلوا النبي ، خلاف الفرض ، لأنّ المفروض ، انّ الخطاب للمؤمنين من أهل المدينة ومن حولها ولم يكن يوم نزول الآية أيّ كافر فيها ، لأنّها نزلت في العام التاسع من الهجرة ، وقد أسلمت القبائل في الجزيرة العربية إلا قليلاً في جانب شمالها قرب الشامات ، إلا أن يفسر الإنذار بتشجيعهم بالتمسّك بأهداب الإيمان والإسلام.
الثاني : الخطاب للقاطنين في المدينة والمقيمين فيها والمراد انقسامهم إلى طائفتين ، طائفة نافرة وطائفة قاعدة ، فغاية النفر ، هو الجهاد ، وغاية القعود ، هو التفقه في الدين لغاية إنذار النافرين عند الرجوع عن الجهاد ، روى الطبري في تفسيره عن أبي زيد : انّ معنى الآية ( فَلَولا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَة مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّين ) أي ليتفقّه المتخلفون في الدين ، ولينذروا النافرين إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون. (١)
وعلى هذا الوجه فالصلة بين الآيات محفوظة مثل السابق ، لكن ويفضل عليه ، بخلوّه عن الإشكالات الثلاثة المتوجهة إلى الأوّل.
لكن يرد عليه استلزامه التفكيك في مراجع الضمائر المتصلة ، وعليه فالضمير في ( ليتفقّهوا ) و ( لينذروا ) راجعان إلى القاعدين ، والضمير في ( إِذا رَجَعُوا ) إلى النافرين وهو خلاف الظاهر. وهذان الوجهان يشتركان في أنّ الخطاب للمقيمين في المدينة ، وهناك وجه ثالث وهو يفارق الوجهين بتوجيه الخطاب إلى غيرهم ، وإليك البيان :
__________________
١. تفسير الطبري : ١١ / ٤٩.