وأمّا الأمر الثاني : أعني كيفية الاستدلال فقد استدل به صاحب الفصول ، وقال : إنّ وجوب السؤال يستلزم وجوب قبول الجواب ، وإلا لغى وجوب السؤال ، فإذا وجب قبول الجواب وجب قبول كلّما يصح أن يسأل عنه ويقع جواباً له واحتمال خصوصية المسبوقية بالسؤال ، منتف جداً.
وأمّا الأمر الثالث : فقد أورد على الاستدلال بوجوه :
١. المراد من أهل الذكر أهل الكتاب أو الأئمّة عليهمالسلام
إنّ المراد من أهل الذكر ، حسب سياق الآيات هو علماء أهل الكتاب ، حيث إنّ المشركين كانوا ينكرون بعث البشر رسولاً ، فأحالهم سبحانه إلى علماء أهل الكتاب العارفين بأحوال الأُمم حتى يسألونهم عمّن بعث اللّه رسولاً ، فهل كانوا بشراً أو كانوا ملائكة لا يأكلون ولا يشربون؟
كما أنّ المراد منهم ـ حسب الروايات ـ هم الأئمّة المعصومون عليهمالسلام ، فقد عقد الكليني في أُصول الكافي باباً لذلك ، وأخرج فيه روايات بين صحيحة وحسنة وضعيفة ، وعلى كلّ تقدير لا يشمل غير الطائفتين.
يلاحظ عليه : أنّ الآية تذكّر المشركين بقاعدة سائدة بين العقلاء وهو رجوع الجاهل إلى العالم ، ويختلف مصداقه حسب اختلاف الموارد ، وفي مورد رفع شبهة المشركين فالمرجع الصالح المقبول عندهم ، هو علماء أهل الكتاب ، وفي مورد فهم معالم الإسلام ودرك حقائق الكتاب والسنّة فالمرجع هم العترة حسب حديث الثقلين ، كما أنّ المرجع للعامي في عرفان الوظيفة هو المفتي وهكذا ، فلا السياق آب عن الاستدلال ولا الروايات ، بعد كون الجملة حاملة لمعنى عقلائي له مصاديق مختلفة حسب اختلاف الموضوعات ، عبر الزمان.