ولعلّ صحيح أحمد بن إسحاق بين تلك الأخبار جامعة لجميع هذه الخصوصيات من حيث السند ، وقد دلّ مضمونه على حجّية قول الثقة.
روى الكليني بسند عال رواته كلّهم مشايخ ثقات عدول قد زكّاهم جمع من العدول ، فروى : عن محمد بن عبد اللّه الحميري ومحمد بن يحيى العطار القمي ، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن إسحاق ، أنّه سأل أبا الحسن ( الهادي عليهالسلام ) وقال له : من أُعامل ، وعمّن آخذ ، وقول من أقبل؟ فقال : « العمري ثقتي ، فما روى إليك عنّي ، فعني يؤدّي ، وما قال لك فعنّي يقول ، فاسمع له وأطع فانّه الثقة المأمون ».
وسئل أبومحمد عليهالسلام عن مثل ذلك فقال : « العمري وابنه ثقتان ما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤديان ، ... فإنّهما الثقتان المأمونان ». (١)
وعامة من ورد في السند ، من المشايخ ، فقال النجاشي في حقّ الأوّل ( محمد بن عبد اللّه الحميري ) : ثقة وجه. وفي حقّ الثاني ( محمّد بن يحيى العطار ) : أبو جعفر القمي ثقة. وفي حقّ الثالث ( عبد اللّه بن جعفر الحميري ) : أبو العباس ثقة. وأمّا الرابع ( أحمد بن إسحاق ) : فهو مردّد بين الرازي والأشعري ، وكلاهما ثقة ، ويحتمل اتحادهما. ونظيره رواية الحسن بن علي بن يقطين. (٢)
وأمّا المضمون ، فقد علّل حجّية قول العمري بأنّه الثقة المأمون ، وعليه فرواية كلّ ثقة مأمون ، حجّة ، سواء كان من المشايخ والفقهاء أو لا ، والمراد من الثقة هو العدل ، ونظيره رواية الحسن بن علي بن يقطين.
ومنه يظهر انّه ليس للشارع في باب حجّية الخبر الواحد أي جعل ولا تصرف ، فما اشتهر في ألسن المشايخ من جعل الحجّية أو الطريقية ، أو تتميم
__________________
١. الوسائل : الجزء ١٨ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤.
٢. الوسائل : الجزء ١٨ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٣.