وأمّا إذا قلنا بوحدة معنى الظن في مورد الآيات والسيرة كما تلقّاه المحقّق الخراساني ، فالجواب الذي ذكره من استلزام الرادعية الدور ليس بصحيح ، بل الآيات الناهية على هذا الفرض رادعة للسيرة من دون دور ، وذلك ببيانين :
الأوّل : انّ العام حجّة قطعية ، والسيرة في مورد خبر الثقة هو حجّية مشكوكة ، فكيف تعارض الحجّة القطعية؟ أمّا انّ الآيات فلحجية ظهور العام في تمام أفراده ما لم يدل دليل قطعي على التخصيص ، وأمّا كون السيرة حجّة مشكوكة لأنّها لا يحتج بها إلا إذا ثبت الإمضاء ولو بالسكوت ، والمفروض عدم إحرازه لاحتمال كون الآيات الناهية رادعة وحجّة في قبالها ، فيكون مرجع الكلام إلى الشكّ في تخصيص الآيات بالسيرة ، ومن المعلوم انّ المرجع عندئذ هو العام حتى يثبت الخلاف.
الثاني : انّ رادعية الآيات وإن شئت قلت : الاحتجاج بالآيات موقوف على عدم ثبوت تخصيصها بالسيرة ، وهو أمر متحقّق بالفعل ، إذ لم يثبت بعد كون السيرة مخصِّصة ، فيكفي بالاحتجاج بعدم الثبوت.
نعم لو قلنا بأنّ الاحتجاج بالآيات متوقف على عدم كون السيرة في الواقع مخصِّصاً ، وهو بعدُ غير حاصل ولا متحقّق ويتوقف عدم كونها مخصصاً على صحّة الاحتجاج لزم الدور.
فمنشأ الخلط توهم توقف صحّة الاحتجاج بالآيات على ثبوت عدم كونها مخصصةً في الواقع ، والحال انّه متوقف على عدم الثبوت وعدم العلم بالتخصيص وهو أمر حاصل.
ما هو الموضوع للحجّية أهو خبر الثقة ، أو الموثوق بصدوره؟
هل عمل العقلاء بخبر الثقة ، بما هو ثقة وإن لم يفد الوثوق بصدور الرواية ،