١. الرجوع إلى الاحتياط
أمّا الرجوع إلى الاحتياط ، فوجه بطلانه أحد أمرين على وجه القضية المانعة الخلو :
أ : الإجماع القطعي على عدم وجوبه في المقام ، بمعنى العلم بسيرة العلماء في الفقه ، وهو انّ المرجع في الشريعة على تقدير انسداد باب العلم ، ليس هو الاحتياط في الدين ، والالتزام بفعل كلّ ما يحتمل وجوبه ولو موهوماً وترك ما يحتمل حرمته كذلك.
ب : لزوم العسر الشديد ، والحرج الأكيد لكثرة ما يحتمل خصوصاً في أبواب الطهارة والصلاة ، مع عدم إمكان الاحتياط في بعض الموارد ، كما لو دار المال بين صغيرين يحتاج كلّ إلى صرفه عليه أو كما في المرافعات وعلى ذلك فلا مناص من العمل بالظن.
ثمّ إنّ الشيخ أورد إشكالاً على التمسك بأدلّة الحرج وقال : إنّ الأدلة النافية للعسر إنّما تنفي وجوده في الشريعة بحسب أصل الشرع أوّلاً وبالذات فلا تنافي وقوعه بسبب عارض لا يسند إلى الشارع ـ إلى أن قال : ـ ولا ريب في انّوجوب الاحتياط بإتيان كلّ ما يحتمل الوجوب وترك كلّ ما يحتمل الحرمة إنّما هو من جهة اختفاء أحكام الشريعة وليس مستنداً إلى نفس الحكم.
ثمّ أجاب عنه بأنّ الحرج وصف للحكم والمرفوع هو الحكم الحرجي ولا فرق فيه بين ما يكون بسبب يسند عرفاً إلى الشارع وهو الذي أريد بقولهم : دع ما غلب اللّه عليه فاللّه أولى بالنذر ، وبين ما يكون مسنداً إلى غيره ، فانّ وجوب صوم الدهر على ناذره إذا بان فيه مشقة لا يحتمل عادة ، ممنوع ، وكذا أمثالها من المشي إلى بيت اللّه جلّ ذكره وإحياء الليالي وغيرهما.