توضيحه : أنّ دليل نفي الحرج ينفي كلّ حكم حرجي سواء كان حرجياً حدوثاً ، كما في إيجاب المسح على البشرة على من وضع المرارة عليها ؛ أو بقاءً ، كما في المقام فانّ امتثال الأحكام في هذه الظروف التي يتوقف امتثال واجب على الإتيان بعشرة أُمور ، وترك المحرم على ترك أُمور كثيرة ناش من حفظ الحكم في المقام فيكون مدلولها نفي الحكم الذي ينشأ من قبله الحرج ولو باعتبار بقائه في حال الاشتباه (١).
وأمّا المحقّق الخراساني فقد وافق المستدل إذا استلزم الاحتياط اختلال النظام لا ما إذا استلزم الحرج ، إذ لا حكومة لأدلته على إيجاب الاحتياط في المقام.
وتوضيح كلامه مبني على بيان أمرين :
١. انّ المرفوع هو نفس الحرج ، لا الحكم ، والحرج والضرر من أوصاف أفعال المكلّفين التي هي متعلقات الأحكام ، فلا يستدل بأدلّتهما إلا إذا كان نفس الفعل ومتعلّق التكليف حرجياً. ولذلك يصحّ الاستدلال على عدم وجوب مسح البشرة لمن عثر وسقط ظفره ، لأنّ نفس الفعل ومتعلّق الحكم حرجي ولا يصحّ الاستدلال بها على عدم لزوم العقد الغبنيّ ، لأنّ الفعل ، أعني : نفس البيع ليس بحرجي وإنّما الحرج ناش من إيجاب العقد ، وهو غير مرفوع.
٢. انّ الغرض من رفع الفعل الحرجي إنّما هو رفع حكمه الشرعي ، كما هو الحال في : لا شك لكثير الشك ، ولا ربا بين الوالد والولد ، وهذا الشرط ـ أعني : كون المتعلّق حرجياً وإن كان حاصلاً في المقام ، لأنّ متعلّقه عبارة عن الإتيان بالمشتبهات الكثيرة ، لكن حكمه ، أعني : إيجاب الاحتياط ـ ليس شرعياً ، بل هو حكم عقلي من باب حكمه بتحصيل الموافقة القطعية عند الاشتغال اليقيني.
__________________
١. الفرائد : ١٢١ ، طبعة رحمة اللّه ؛ و ١١١ ، طبعة محمد علي.