فعدم شمول أدلّة الحرج لأجل انتفاء الشرط الأخير ، أي عدم كون حكم المرفوع حكماً شرعياً.
يلاحظ على ما ذكره بوجهين :
أمّا أوّلاً : فلأنّه لو صحّ ما ذكره فإنّما يصحّ في قوله : « لا ضرر » بناء على أنّ الضرر صفة الفعل ، وانّ المرفوع خصوص الفعل الضرري ـ لا الحكم الضرري ـ لكن لغاية رفع حكمه ، وأمّا القاعدة الأُخرى ، فالدليل الواضح فيها قوله سبحانه : ( وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج ) فهو ظاهر في نفي الحكم الحرجي بقرينة قوله : ( وما جَعَلَ ) فانّ الجعل التشريعي يتعلّق بالحكم لا بالموضوع ، والمقصود كما هو الظاهر من رواية « عبد الأعلى مولى آل سام » أعني قوله : « إنّ هذا وأشباهه يعرف من كتاب اللّه » هو الاخبار عن عدم جعل وجوب المسح على البشرة برفع ما عليها ، فكيف يقاس هذا بهذا؟!
وأمّا ثانياً : فلأنّ ما ذكره غير تام حتى في نفس « لا ضرر » ، لأنّه إذا كان المراد نفي الفعل الضرري بلحاظ نفي حكمه ، يلزم ارتفاع حرمة الفعل الضرري وجواز الإضرار بالغير وهو خلاف المقصود قطعاً ، إذ لو كان وزان « لا ضرر » هو وزان « لا ربا بين الولد والوالد » يكون المقصود ارتفاع حرمة الضرر ، كارتفاع حرمة الربا بينهما ، وهو غير صحيح بالضرورة. فتعين انّ المقصود إمّا ما اختاره الشيخ ، أو ما ذهب إليه شيخ الشريعة من كون النفي بمعنى النهي ، مثل قوله سبحانه : ( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الحَجّ ) (١) ، أو ما اختاره سيّدنا الأُستاذ من كون النهي حكماً سلطانياً وحكومياً ، لا حكماً شرعياً وفرعياً. وسيوافيك تحقّيق الحال في محلّه فانتظر.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني أشار إلى إشكال آخر ، وهو انّه لا يصحّ الاحتجاج
__________________
١. البقرة : ١٩٧.