بالعلم الإجمالي على لزوم الاحتياط للزوم رفع اليد عن بعض الأطراف لأجل رفع الاضطرار ، بل لابدّ من الاستدلال على وجوبه بالدليل الشرعي وهو الوجهان الأوّلان الماضيان في المقدمة الثالثة.
وقد عرفت الإشكال في كلامه عند البحث فيها بوجوه ثلاثة فلا يفيد.
الرجوع إلى الأصل في كلّ مورد
من الطرق المقررة للجاهل بالحكم الواقعي ، الرجوع إلى الأصل في كلّ مسألة ، فيرجع في الشك في التكليف إلى البراءة ، وفي المكلّف به إلى الاحتياط إذا أمكن ، وإلى التخيير إذا لم يمكن ، وإلى الاستصحاب إذا كان للحكم سابق; ولكن العمل بهذا الطريق غير صحيح لما أفاده الشيخ بقوله : فالعمل بالأُصول النافية للتكليف في مواردها مستلزم للمخالفة القطعية الكثيرة ، وبالأُصول المثبتة للتكليف من الاحتياط والاستصحاب مستلزم للحرج ، وهذا لكثرة المشتبهات في المقامين. (١)
وأمّا المحقّق الخراساني فلم يوافق هذا الجزء من إجزاء الاستدلال ، وحاصل ما أفاد : أنّ المانع عند الشيخ الأنصاري عن جريان الأُصول في أطراف العلم الإجمالي ، هو لزوم التناقض في مدلول الدليل الدال عليها ، أعني قوله : « لا تنقض اليقين بالشك ولكن تنقضه بيقين آخر » مثلاً إجراء أصالة الطهارة في الإناءين المشتبهين باعتبار كونهما مسبوقي الطهارة يوجب دخولهما في صدر الحديث وكونهما محكومين بالطهارة ، لكن مقتضى العلم بوجود النجاسة في البين هو نقضهما والحكم بوجوب الاجتناب ودخولها في قوله : « ولكن تنقضه بيقين آخر » وهذا ممّا يصد الفقيه عن القول بدخول أطراف العلم الإجمالي تحت أدلّة الأُصول.
__________________
١. الفرائد : ١٢٦ ، أواخر المقدمة الثالثة للانسداد.