الواجب بين الظهر والجمعة ، بل يعمّ ما إذا علم الجنس ودار الأمر بين الوجوب والحرمة لكن على وجه يمكن الاحتياط كما مثلنا ، أعني : إذا دار الأمر بين وجوب شيء وحرمة شيء آخر ، فانّ المعلوم في المقام هو الجنس ، أي مطلق الإلزام لا النوع ، أعني : الوجوب أو الحرمة ، ومع ذلك يجب فيه الاحتياط : الإتيان بمحتمل الوجوب ، وترك محتمل الحرمة.
نعم ليس كلّ مورد علم فيه جنس التكليف داخلاً في الشكّ في المكلّف به كما إذا أمر الشيء بين الوجوب والحرمة وذلك لعدم إمكان الاحتياط فيه ، ولذلك قلنا بكفاية العلم بالجنس إذا أمكن الاحتياط ، فلاحظ.
والحاصل : انّه إذا دار أمر شيء واحد بين الوجوب والحرمة ، فهو المسمّى بدوران الأمر بين المحذورين ، وبما انّه لا يمكن الاحتياط تكون الوظيفة هي التخيير ، وأمّا إذا دار الأمر بين وجوب شيء وحرمة شيء آخر ، فلا يعدّ من دوران الأمر بين المحذورين ، ويكون العلم بالإلزام لأجل إمكان الاحتياط ملزماً للاحتياط ، فالعلم بالجنس إذا لم يمكن الاحتياط داخل في مجرى التخيير ، كما أنّ العلم به إذا أمكن داخل في مجرى الاحتياط.
ثمّ إنّ للمحقّق النائيني في تقرير مجاري الأُصول بياناً آخر ، قال : إمّا أن تلاحظ الحالة السابقة للشكّ أو لا ; وعلى الثاني إمّا أن يكون التكليف معلوماً بفصله ، أو نوعه ، أو جنسه ، أو لا ؛ وعلى الأوّل إمّا أن يمكن فيه الاحتياط ، أو لا ؛ والأوّل مجرى الاستصحاب ، والثاني مجرى الاحتياط ، والثالث مجرى التخيير ، والرابع مجرى البراءة. (١)
والفرق بين التعبيرين هو انّه جعل مجرى التخيير من أقسام الشكّ في المكلّف به ، غاية الأمر انّ الشكّ في المكلّف به على قسمين : قسم يمكن فيه
__________________
١. فوائد الأُصول : ٣ / ٣٢٥.