( وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرَية إِلاّ لَها مُنذِرُون ). (١)
نعم دلالة الآية على البراءة فرع عدم ورود الحذر بالنسبة إلى مشتبه الحكم لا بالعنوان الأوّلي هو مسلم بيننا وبين الخصم ، ولا بالعنوان الثانوي الذي لا يسلِّمه الخصم ويقول : بورود الحذر عن المشتبه بعنوان إيجاب الاحتياط والتوقف ، فدلالة الآية معلّقة على إبطال دليل الأخبار.
وبما انّ المشايخ كالشيخ الأنصاري والمحقّق الخراساني والميرزا النائيني لم يدرسوا تفسير الآية على وجه يليق بشأنها ، أوردوا على الاستدلال بها بأُمور غير تامة ، وإليك بيانها :
١. انّ ظاهرها الأخبار بوقوع التعذيب سابقاً بعد البعث ، فيختص بالعذاب الدنيوي الواقع في الأُمم السابقة. (٢)
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ الآية بصدد بيان سنن اللّه سبحانه في تعذيب الأُمم العصاة ومثلها آبية عن الاختصاص بالأُمم السابقة ولذلك تكون الأفعال في مثل ذلك منسلخة عن الزمان.
ثانياً : انّ العذاب الدنيوي إذا كان متوقفاً على البيان والحجة ، فالعذاب الأُخروي الذي سجّره الجبار أولى بذلك. (٣)
٢. انّ مفادها الإخبار بنفي التعذيب قبل إتمام الحجّة كما هو الحال في الأُمم السابقة ، فلا دلالة لها على حكم مشتبه الحكم حيث هو مشتبه الحكم ، فهي أجنبية عمّا نحن فيه. (٤)
__________________
١. الشعراء : ٢٠٨.
٢. الفرائد : ١٩٢ ، ط قديم.
٣. اقتباس عن قول الإمام أمير المؤمنين علي عليهالسلام في كلامه مع أخيه عقيل. لاحظ نهج البلاغة : الخطبة ٢٢٤. قال عليهالسلام : « سجرها جبّارها لغضبه ».
٤. فوائد الأُصول : ٣ / ٣٣٣.