الوجودية المتحقّقة ، وتقدير أيّة كلمة بعد الرفع ، يوجب سقوط الكلام عن ذروة البلاغة كتقدير لفظ « الأهل » قبل القرية في قوله سبحانه : ( واسْأَلِ الْقَريةَ الّتي كُنّا فِيها ) (١) ، أو قبل « البطحاء » في شعر الفرزدق ، أعني قوله :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته |
|
والبيـتُ يعـرفـه والحـلّ والحـرم |
فانّ القائل يدّعي أنّ الأمر بلغ من الوضوح إلى درجة حتى أنّ القرية واقفة بما نقول ، أو أنّ سيد الساجدين بلغ من المعروفية إلى درجة حتى أنّ البطحاء تعرفه ، فتقدير أيّة كلمة في تلك المواضع يوجب سقوط الكلام. وقد عرفت انّ المصحح لاستعمال كلمة الرفع هو كون هذه الأُمور التسعة أُموراً وجودية.
ومع الاعتراف بذلك وانّ متعلّق الرفع هو نفس هذه الأُمور ، لكن لما كان نسبة الرفع إلى هذه الأُمور مجازيّاً وادّعائياً تتوقف نسبة الرفع إلى هذه الأُمور ، إلى مسوِّغ بمعنى رفع أمر حقيقة لا ادّعاء ليكون مصححاً لنسبته إلى هذه الأُمور التسعة ادّعاءً ، وما هو إلاكون هذه الأُمور مسلوبة الأثر في عالم التشريع ، وعندئذ يقع الكلام في تعيين ما هو الأثر الذي صار سلبه ، مسوِّغاً لنسبة الرفع إلى هذه الأُمور مجازاً وادّعاء؟ فقد اختلفت كلمتهم في تعيينه.
فمن قائل بأنّ المرفوع ثبوتاً هو المؤاخذة ؛ إلى آخر ، بأنّ المرفوع هو الأثر المناسب كالضرر في الطيرة والكفر في الوسوسة ، والمؤاخذة في الباقي; إلى ثالث ، بأنّ المرفوع جميع الآثار. وإليك دراسة الاحتمالات :
١. المرفوع المؤاخذة
إنّ رفع هذه الأُمور كناية عن رفع المؤاخذة ، فمن ترك الواجب أو ارتكب الحرام عن جهل ونسيان لم يؤاخذ ، وأورد عليه بوجوه :
__________________
١. يوسف : ٨٢.