والمعنى : الناس في سعة من جانب شيء لا يعلمونه ، فالحرمة المجهولة في شرب التتن شيء بما انّها غير معلومة للناس فهم من ناحيتها في سعة ، أي ليس عليهم حرج وضيق ، من إيجاب الاحتياط والتحفّظ ، أو ثبوت العقاب والعذاب على فرض كونه حراماً ، ويكون مضمونه موافقاً لحديث الرفع ، ولو تمّ دليل الأخباري يكون معارضاً معه ، لأنّه يدل على عدم السعة وانّه لو كان حراماً ليُؤخذ به الإنسان ولذلك يوجب الاحتياط.
٢. مصدرية زمانية (١) مثل قوله تعالى : ( وَأَوصاني بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيّاً ) (٢) أي مدة حياتي ، والمعنى الناس في سعة في زمان عدم علمهم.
فإن قلت : إنّما تتم دلالته ويكون معارضاً لدليل الأخباري إذا افترضنا أنّها موصولة ، دونما إذا كانت ظرفية ، فيكون معناه : الناس في سعة ما دام لم يعلموا ، فيكون الحديث هو مفاد قاعدة قبح العقاب بلا بيان وتكون أدلّة الاحتياط حاكمة عليه.
قلت : هذا ما ذكره المحقّق النائيني حسب ما نقله المحقّق الخوئي في تقريراته (٣) ، وقد أشار إليه المحقّق الخراساني بقوله : لا يقال قد علم به وجوب الاحتياط ، ثمّ أجاب عنه بما هذا توضيحه :
انّ المراد من العلم فيه ، هو العلم بالواقع من غير فرق بين العلم بالحكم الشرعي أو العلم بهوية المشتبه في الشبهة الموضوعية والعلم بالاحتياط ليس علماً به وإنّما علم بحكم وقائي لئلا يخالف الواقع ، نعم لو كان وجوب الاحتياط نفسياً ، لا يكون بعد العلم به سعة ، ولكنّه غير تام ، فانّ وجوب الاحتياط لحفظ
__________________
١. في مقابل المصدرية غير الزمانية مثل قوله : ( فَضاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ) ( التوبة : ١١٨ ).
٢. مريم : ٣١.
٣. مصباح الأُصول : ٢ / ٢٧٨.