أمّا السند ، فلا غبار عليه إلا في آخره ، فانّ القمي من المشايخ الإثبات.
وهارون بن مسلم أنباري ، سكن سامراً ، يكنّى أبا القاسم ، ثقة ، وجه ، وكان له مذهب في الجبر والتشبيه ، لقي أبا محمّد وأبا الحسن عليهماالسلام. (١)
والتعبير بلفظ : « كان » حاك عن عدوله عنه ، وإلا كيف يكون معه ثقة؟!
وأمّا مسعدة بن صدقة العبدي; فقد وصفه الشيخ في رجاله بأنّه عامي (٢) ، وعدّه الكشي من البترية (٣) ، ولولا تصريح النجاشي برواية هارون بن مسلم عن مسعدة لكان لاحتمال سقوط الواسطة بينهما مجال.
والسند وإن كان غير نقي ، لكن تلوح على المضمون علائم الصدق.
وعلى كلّ تقدير ، فليس في المقام إلا رواية واحدة ورد فيها قوله : « كلّ شيء حلال حتى تعرف انّه حرام بعينه فتدعه ».
ويظهر من الشيخ الأعظم انّ هنا رواية مستقلة وراء رواية مسعدة غير مشتملة على لفظة « بعينه ». (٤) ولم نقف على ما ذكره.
ونقلها المحقّق الخراساني مشتملة على لفظة « بعينه » ، من دون أن يذكر مصدر الرواية.
وعلى كلّ تقدير فالرواية مختصة بالشبهة الموضوعية ، وذلك لوجوه :
١. لفظة « بعينه » فانّه تأكيد للضمير في قوله : « انّه حرام » ، والمعنى حتى تعرف انّه بشخصه حرام ، ويتميّز عن غيره ؛ ولا يتصور ذلك إلا في الشبهة الموضوعية ، فإذا اختلط الخمر بالخل وعرف الخمر ، فهناك حرام غير مشخص ،
__________________
١. رجال النجاشي : ٢ / ٤٠٥ ، برقم ١١٨١.
٢. رجال الشيخ : ١٤٦ برقم ٤٠ ، باب أصحاب محمد بن علي الباقر عليهماالسلام.
٣. رجال الكشي : ٣٣٣ ، باب عد جماعة من العامة والبترية.
٤. الفرائد : ٣٠١ و ٢٢٠ في المسألة الرابعة من الشبهة التحريمية.