سأل رجل أبا عبد اللّه عن الجبن ، فقال : إنّي آكله ليعجبني ، ثمّ دعا به فأكل. (١) وعلى ذلك فقد سأل عبد اللّه بن سليمان كلاً من الإمامين أبي جعفر وأبي عبداللّه عليهماالسلام.
والرواية الأُولى صحيحة رواتها كلّهم ثقات ، بخلاف الثانية فانّ عبد اللّه ابن سليمان لم يوثّق ، والثالثة مرسلة لوجود « رجل » في السند ، وعلى كلّ تقدير فالمضمون يلوح عليه علائم الصدق.
الاستدلال بالرواية على الشبهة الحكمية مبني على أمرين :
أ : المراد من الشيء في قوله : « كلّ شيء » ، هو الأمر الكلي ، كشرب التتن أو لحم الأرنب.
ب : المراد من قوله : « فيه حلال وحرام » بمعنى فيه احتمال الحلال والحرام.
وعندئذ يقال : إنّ شرب التتن ولحم الأرنب فيهما احتمال الحلية والحرمة ، فهما حلالان حتى تعرف الحرام منه بعينه.
يلاحظ عليه بأُمور :
١. أنّ الظاهر من قوله : « فيه حلال وحرام » هو فعليتهما لا احتمالهما كما في قوله سبحانه : ( وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُم الكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرام ). (٢)
٢. لو أُريد هذا المعنى ، لكان الأنسب أن يقول : حتى تعلم ، بدل « حتى تعرف » ، فانّ العرفان يستعمل في الأُمور الجزئية ، لا الكلية ، يقال : عرفت اللّه لا علمت اللّه ، بخلاف العلم. (٣)
__________________
١. المصدر نفسه ، الحديث ٢ وقد نقل الحديث مبتوراً.
٢. النحل : ١١٦.
٣. نعم هذا هو الغالب ، وإلا فربما يستعمل العلم في الجزئيات ، كما مرّفي مسعدة بن صدقة حيث قال : حتى تعلم انّه ....