كتابنا « كليات في علم الرجال ». (١)
أقول : إنّ ظاهره هو جزمه بصدورها عن الإمام ، ولكنّه كما يكون مستنداً إلى إعتقاده بعدالة رواته يمكن أن يكون مستنداً إلى القرائن المفيدة للعلم بالصحة. وعلى كلا الوجهين لا يصحّ الاستناد ، أمّا على الثاني فواضح ، لعدم حجّية علم المجتهد على مجتهد آخر ؛ وأمّا الأوّل ، فلأنّ غايته توثيقه لمن ورد في السند ، وتوثيقه إنّما يكون حجّة إذا لم يكن له معارض ، وهو فرع الوقوف على أسمائهم والمفروض انّه ترك ذكر السند أصلاً ، ومع ذلك لا يمكن ترك هذا النوع من المراسيل.
أمّا الدلالة فهي مبنية على ثبوت أُمور ثلاثة :
١. المراد من الشيء ، هو الموضوع المجهول الحكم لا بمعنى انّه استعمل في المعنى المركّب ، بل القيد مفهوم من الغاية أعني : « حتى يرد ».
٢. المراد من المطلق ، هو الإباحة الظاهرية.
٣. المراد من الورود ، هو الوصول إلى المكلّف.
وقد حمل الشيخ الرواية على هذا المعنى وجعلها من أدلّة البراءة التامة ، وانّها تصلح أن تكون معارضةً لدليل الأخباري على فرض تماميته ، وذلك لأنّ الضمير في قوله : « يرد فيه » يرجع إلى ذات الشيء المجهول الحكم ، وانّه ما لم يرد ذاك النهي الكذائي فالمكلّف من ناحيته في سعة وإطلاق وانّه محكوم بالإباحة ظاهراً ، وعلى ضوء هذا يكون معارضاً لدليل الأخباري الدالّ على كفاية ورود النهي بالعنوان الثانوي.
وقد فسر المحقّق الخراساني الأُمور الثلاثة بغير هذا النحو.
__________________
١. كليات في علم الرجال : ٣٨٣ ـ ٣٨٤.