الإفتاء بشيء حتى يسأل الإمام فيرجع لبها إلى الطائفة الثانية ؛ روى عبد الرحمان ابن الحجاج ، قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن رجلين أصابا صيداً وهما محرمان ، الجزاء بينهما أو على كلّ واحد منهما جزاء؟ قال : « لا ، بل عليهما أن يجزى كلّ واحد منهما الصيد ». قلت : إنّ بعض أصحابنا سألني عن ذلك ، فلم أدر ما عليه؟ فقال : « إذا أصبتم مثل هذا فلم تدروا ، فعليكم بالاحتياط حتى تسألوا عنه فتعلموا ». (١)
إنّ المشار إليه في قوله : « هذا » هو مطلق الشبهة الحكمية غير المختصة بموردها الذي هو من قبيل الشبهة الحكمية الوجوبية ، فوجوب الاحتياط لأجل إمكان الفحص من الدليل بسؤال المعصوم عنها.
د : اتخاذ الاحتياط ذريعة لبيان الحكم الشرعي
روى عبد اللّه بن وضاح أنّه كتب إلى العبد الصالح عليهالسلام يسأله عن وقت المغرب والإفطار؟ فكتب إليه : « أرى لك أن تنظر حتى تذهب الحمرة وتأخذ بالحائطة لدينك ». (٢)
الظاهر من كلام السائل ( ما هو وقت المغرب والإفطار ) انّ الشبهة عنده كانت شبهة حكمية بمعنى انّه كان متردّداً في أنّ وقت صلاة المغرب ، هل هو استتار القرص أو زوال الحمرة المشرقية؟ فالعامة على الأوّل ، والمشهور عند الشيعة هو الثاني ، ولمّا كانت الظروف غير مساعدة لبيان الحكم الشرعي والتصريح بأنّ وقتهما هو زوال الحمرة ، توصل الإمام في بيان الحكم الشرعي بالاحتياط ، وقال : « أرى لك أن تنظر حتى تذهب الحمرة وتأخذ بالحائطة لدينك » ، والعبارة تتحمل معنىً ظاهرياً أي الانتظار لأجل حصول القطع باستتار القرص ، ومعنىً واقعياً
__________________
١. الوسائل : الجزء ١٨ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١.
٢. الوسائل : الجزء ١٨ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٧.