الأوّل المحصَّل ( بالفتح ) مغائراً مع الثاني تحقّقاً ، لا مفهوماً فقط ، نظير الطهارة النفسانية الحاصلة من الغسلات والمسحات ، وهذا ما يسمّى بالشكّ في المحصِّل ، فلو صحّت الشبهة التي نقلناها في أوّل التنبيه فإنّما تصحّ في هذه الصورة.
٢. أن يتعلّق النهي بالشيء على وجه يكون ناعتاً ، فيكون الواجب كون الإنسان موصوفاً بأنّه « لا شارب الخمر » ففي هذه الصورة « يجب الاجتناب عن الفرد المشكوك ليحرز كونه لا شارب الخمر ».
وبذلك يعلم ضعف الشبهة التي ذكرنا في أوّل التنبيه من حيث المقدمة العلمية ، فانّها لو صحّت فإنّما تصحّ في هاتين الصورتين الأخيرتين ، لا الأُوليين فانّ الواجب في الأخيرتين ، أمر بسيط وترك الفرد مقدمة له ، فلا يعلم بحصول الواجب إلا بترك الفرد المشكوك مقدمة ، وأمّا في الأُوليين فليس هناك مقدمة وذوها ، بل المكلّف به عبارة عن العام الأفرادي أو العام ذي الأجزاء ، وبما انّ التكليف ينحلُّ إلى الأفراد والأجزاء ، فالشكّ في الفرد ، شكّ في تعلّق الحكم المستقل به ، في العام الافرادي ، أو في انبساط الحكم المتعلّق بسائر التروك ، إلى ترك هذا الفرد أيضاً كما في العام المجموعي.
وأمّا ما إفاده الشيخ قدسسره من أنّ النهي عن الخمر يوجب حرمة الأفراد المعلومة تفصيلاً أو إجمالاً. وأمّا ما احتمل كونه خمراً من دون علم إجمالي فلم يظهر من النهي تحريمه وليس مقدمة للعلم باجتناب فرد محرم بحسن العقاب عليه (١) وإن كان صحيحاً لكنّه ليس بقالع للشبهة لأنّ القائل بالاحتياط لا يقول بأنّ الاجتناب عن المشكوك مقدمة للاجتناب عن الفرد المحرّم القطعي ، بل يقول : إنّ الاجتناب عنه مقدمة للاجتناب عن امتثال الحكم الكلي القطعي أعني لا تشرب
__________________
١. الفرائد : ٢٢٠.