٣. إذا دار الأمر بين وجوب فعل ، وترك فعل آخر ، فانّه من نوع الشكّ في التكليف لعدم العلم بنوع التكليف لكن يجب الاحتياط.
ويمكن الذبُّ عن الأوّل : بأنّ الفحص ليس من شرائط العمل بالأصل ، بل من شرائط جريانه ، فلا يجري الأصل قبل الفحص.
وعن الثاني : بأنّ مقتضى القاعدة هو البراءة ، ولكن دلّ الدليل الثانوي على الاحتياط ، من الإجماع ، أو ما ذكرناه سابقاً من أنّه إذا كان الحرمة أو الفساد هو مقتضى طبع الموضوع ، فلا تجري فيه البراءة ولا أصالة الصحة.
نعم النقض الثالث باق بحاله حيث يجب الاحتياط مع كونه من قبيل الشكّ في التكليف على تفسير الشيخ ، وإرجاعه إلى الشكّ في المكلّف به بأنّه عالم إمّا بوجوب فعل هذا أو ترك ذاك ، تكلّف واضح.
الإشكال الثاني
إذا كان الملاك في الشكّ في التكليف هو عدم العلم بالنوع ، وفي الشكّ في المكلّف به هو العلم به ، يلزم أن يكون مجرى التخيير داخلاً في الشكّ في التكليف ، مع أنّه جعله قسيماً لمجرى البراءة في التعريف الأوّل ، وقسماً من الشكّ في المكلّف به في التعريف الثاني ، وهذا إشكال لا يمكن الذبّ عنه.
البيان الثالث
جعل الشيخ ملاك البراءة والاحتياط كون الشكّ في التكليف ، والشكّ في المكلّف به ، وفسر التكليف بالعلم بالنوع توجه إليه هذان الإشكالان ، ولكنّه قدسسره أتى ببيان آخر في أوّل أصالة البراءة هو أتقن من ذينك البيانين إذ لم يعتمد فيه لا على عنوان الشكّ في التكليف ولا على الشكّ في المكلّف به ، بل بقيام الدليل على العقاب وعدمه ، وقال : إنّ الشكّ إمّا أن يكون ملحوظاً فيه اليقين السابق عليه أو