المعصية ، فلا يصار إليه إلا بالدليل الحاسم.
٢. صحيحة معاوية بن عمّار عن رجل من أصحابنا ، قال : كنت عند أبي جعفر فسأله رجل عن الجبن ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : « إنّه لطعام يُعجبني وسأُخبرك عن الجبن وغيره ، كلّ شيء فيه الحلال والحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام فتدعه بعينه ». (١) ومن المحتمل انّ الرجل السائل هو عبد اللّه بن سليمان ، ويشهد بذلك تقارب ألفاظهما ، وقد عرفت مفاد الضابطة.
٣.ما رواه محمد بن سنان ، عن أبي الجارود قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الجبن ، فقلت له : أخبرني من رأى انّه يجعلُ فيه الميتة ، فقال : « أمن أجل مكان واحد ، يجعل فيه الميتة حرم في جميع الأرضين ، إذا علمت أنّه ميتة فلا تأكله ، وإن لم تعلم فاشتر وبع وكُلْ ، واللّه إنّي لاعترض السوق فأشتري بها اللحم والسمن والجبن ، واللّه ما أظن كلّهم يسمّون هذه البربر وهذه السودان ». (٢)
والسند مخدوش بأبي الجارود ، كالراوي عنه ، أعني : محمد بن سنان ، لكن عرفت أنّ روايات الجبن متضافرة. نعم أورد الشيخ الأعظم على دلالته بوجهين :
الأوّل : أنّه ظاهر في الشبهة البدئيّة ببيان انّ المراد : انّ جعل الميتة في الجبن في مكان واحد لا يوجب الاجتناب عن جبن غيره من الأماكن ، لا أنّه لا يوجب الاجتناب عن كلّ جبن يحتمل أن يكون من ذلك المكان.
يلاحظ عليه : أنّ مجموع الروايات الواردة في الجبن حاكية عن ابتلاء الناس بظاهرة جعل الميتة في الجبن وعقد اللبن بها ، أعني : الانفحة المأخوذة عن المعز الميّت ، وانّها كانت متفشية فيها ، فكان مردّداً بين كونه من الميتة وعدمه ، ففي ذلك المورد حكم الإمام بالجواز ، ومثله لا ينطبق إلا على الشبهة غير المحصورة.
الثاني : انّ الحلية لأخذه من سوق المسلم بناء على أنّ السوق أمارة شرعية
__________________
١ و ٢. الوسائل : الجزء ١٧ ، الباب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ، الحديث ٧ ، ٥.