وجعله كالمعدوم إلغاء لأثره الناتج منه ، أعني : الشك ، فليس هنا شك تعبّداً حتى يكون موضوعاً للاشتغال.
وبعبارة أُخرى : انّ الحكم بموهومية التكليف عند العقلاء يلازم وجود أمارة على كون الماء مطلقاً لا مضافاً ومعه لا موضوع للاشتغال.
وأمّا على مبنى المحقّق النائيني ، فقد ذهب المحقّق الخوئي إلى أنّ الساقط هو العلم دون الشكّ ، وقال : إنّ الملاك في عدم التنجيز عدم حرمة المخالفة القطعية ، لعدم القدرة عليها ، وانّ وجوب الموافقة القطعية متفرّع عليها ، فالعلم بالتكليف المردّد بين أطراف غير محصورة يكون كعدمه.
وأمّا الشكّ في كلّ واحد من الأطراف فهو باق على حاله ، وهو بنفسه مورد لقاعدة الاشتغال ، إذ يعتبر في صحّة الوضوء إحراز كون ما يتوضّأ به ماء مطلقاً ، فنفس احتمال كونه مضافاً كاف في الحكم بعدم صحّة الوضوء به ، ولو لم يكن علم إجمالي بوجود مائع مضاف ، فلابدّ حينئذ من تكرار الوضوء بمقدار يعلم منه وقوع الوضوء بماء مطلق. (١)
ولكن المحقّق الكاظمي نقل في تقريره لدروس أُستاذه أنّه كان يميل إلى سقوط حكم الشكّ ، وهو الظاهر طبقاً لمبناه ، وذلك لأنّه قال : لا تحرم المخالفة القطعية لعدم التمكن العادي عليها ، وبما انّ المانع من جريان الأُصول في أطراف العلم الإجمالي لزوم المخالفة القطعية ، فإذا لم تحرم تجري الأُصول بلا معارض ، فاستصحاب الإطلاق في الماء الذي يريد التوضّؤ به محرز للموضوع ولا يعارضه أصل آخر ، ومعه يكون الشكّ فاقد الأثر لوجود الأصل المحرز.
وأمّا ما ذكره المحقّق الخوئي من وجود الشكّ في قرار ذهنه ، فيرد عليه أنّ الموضوع ليس مطلق الشكّ بل الشكّ الذي لم يحكم عليه بحكم ، وهذا نظير :
__________________
١. مصباح الأُصول : ٢ / ٣٧٨.