« لا شكّ لكثير الشكّ » ، أو « لا شكّ للمأموم مع حفظ الإمام » ، فمثل هذا الشكّ المحكوم بحكم ، خارج عن أدلّة الشكوك ، أعني قوله : إذا شككت فابن على الأكثر ، ومثله المقام فإنّ الشارع بما أنّه لم يُحرِّم المخالفة القطعية وحكم بجريان الأُصول في كلّ آنية ، صارت النتيجة كون الماء مطلقاً ، ومعه لا شكّ تعبداً حتى يحكم بالاشتغال.
الرابع : لزوم كون العلم الإجمالي محدثاً للتكليف على كلّ تقدير؟
يشترط في تنجيز العلم الإجمالي أن يكون مبدأ لحكم فعلي يطلبه الشارع على كلّ حال ، فهذا الحكم الفعلي النابع من العلم الإجمالي فرع أن يكون العلم محدثاً للتكليف على كلّ تقدير ، وإلا فلو أحدث التكليف إذا كان المعلوم في هذا الطرف ولم يكن محدثاً له إذا كان المعلوم في الطرف الآخر لا يكون هناك علم فعلي بالحكم أوّلاً ، ولا تتعارض الأُصول في الطرفين ثانياً ، إذ لا يجري فيمالم يحدث تكليفاً ويبقى جارياً فيما نحتمل إحداث التكليف فيه.
وعلى ذلك فلو علم بنجاسة أحد الثوبين وفي الوقت نفسه علم بغصبية الثوب المعيّن منهما ، فليس لمثل هذا العلم تأثير على كلّ تقدير ، لأنّ النجاسة لو كانت في غير الثوب المغصوب يحدث تكليفاً ويمنع عن استعماله في الصلاة. وأمّا لو كان في الثوب المغصوب فالعلم بنجاسته لا يحدث تكليفاً لأنّه ممنوع الاستعمال سواء كان طاهراً أم نجساً (١) ، ولذلك لا تجري أصالة الطهارة في الثوب المغصوب إذ لا أثر للطهارة فيه لما عرفت من أنّه ممنوع الاستعمال في كلتا الصورتين وعندئذ تجري أصالة الطهارة في جانب الثوب الآخر بلا معارض.
__________________
١. فعدم إحداث التكليف فيه صار سبباً لأمرين : ١. فقدان العلم بالحكم الفعلي المنجّز. ٢. عدم تعارض الأُصول في ناحية ما يحتمل حدوث التكليف فيه.