وأمّا الرُّجز ، فقد ورد مرة واحدة ، وفسّر بالعذاب تارة والمراد الابتعاد من أسبابه ، والوثن أُخرى ، والقذارة ثالثة. فعلى التفسيرين الأوّلين لا صلة للآية بالمقام ويكون خطاب الآية للنبي ، بمنزلة قولهم : إيّاك أعني واسمعي يا جارة ، وقوله سبحانه : ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَن مِنَ الْخاسِرين ). (١)
وعلى المعنى الثالث يمكن أن يراد القذارة المعنوية كالحسد والبخل ويكون مساقها مساق المعنيين السابقين ، كما أنّه يمكن أن يراد منه القذارة الظاهرية ، وقد ورد في تفسيره انّ رجلاً بإيعاز من أبي جهل ألقى شيئاً قذراً على النبي ّ ، فلو أُريد منه نجس العين فلا صلة لها بالمقام ، ولو أُريد منه الأعم منه ومن المتنجس فيصحّ الاستدلال ، لأنّه سبحانه أمر بهجرهما بكلمة واحدة وأمراً واحداً ، وهذا يدل على أنّ هجر المتنجس من شؤون هجر النجس موضوعاً مستقلاً.
يلاحظ عليه : بعد تسليم المقدّمات ، لا مانع من أن يكون كلّ من النجس والمتنجس مهجوراً بأمر مستقل ، ومع ذلك يصحّ الأمر بهجرهما بمفهوم جامع بينهما وذلك مثل ما إذا كان شخصان محرّمي الإكرام كلّ بملاك خاص ، ومع ذلك صحّ أن يقعا موضوعاً لحكم واحد ، كما إذا قال : لا تكرم العاصيين أو لا تكرم الجالسَين.
الثاني : ما رواه الشيخ ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ( الأشعري القمي صاحب كتاب نوادر الحكمة المتوفّى حوالي ٢٩٠ هـ ) عن محمد بن عيسى اليقطيني ( المعروف بالعبيدي الثقة عند الجميع إلا عند أُستاذ الصدوق ابن الوليد ) عن النضر بن سويد ( الذي وثّقه النجاشي ) عن عمرو بن شمر بن يزيد ( الذي ضعّفه النجاشي ، ولم يوثّقه أحد من القدماء وإن سعى العلاّمة المجلسي والبهبهاني في إثبات وثاقته ) عن جابر ( بن يزيد الجعفي من أصحاب الباقر الثقة
__________________
١. الزمر : ٦٥.