وإن شئت قلت : إذا كان وجوب الأجزاء بعين وجوب الكل وكان امتثال كلّ جزء امتثالاً تدريجياً له ، فوجوب الأقل على كلّ تقدير لا يتوقف على إحراز وجوب الأكثر وحفظ العلم الإجمالي ، بل يتوقف على العلم بوجوب العنوان أو المركب والمفروض انّ العلم بوجوبهما أمر محرز ثابت ، لقوله سبحانه : ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْل ). (١)
وعلى ضوء ذلك فهو يأتي بالأجزاء المعلومة بنية الأمر بالكلّ من أوّلها إلى آخرها فلا إشكال ، سواء أكان الواجب هو الأقلّ أم كان هو الأكثر ، لأنّ العنوان على وجه ينطبق على كليهما.
فظهر انّ العلم بوجوب الأقل مطلقاً يتوقف على العلم بوجوب العنوان المحرز ، لا على وجوبه إمّا نفسياً أو غيرياً ، أو نفسياً أو ضمنياً حتى لزم المحذور.
ومنه يعلم اندفاع المحذور الثاني إذ لو كان الانحلال مبنياً على وجوب الأقل مطلقاً إمّا نفسياً أو غيرياً لزم المحذور ، لأنّ الانحلال يستلزم عدم وجوب الأكثر ، المستلزم لعدم وجوب الأقل مطلقاً ، المستلزم لعدم الانحلال ، لا ما إذا كان الانحلال نابعاً من العلم بوجوبه النفسي سواء أكان الأكثر واجباً أم لا ، وذلك لأنّ الانحلال يلازم عدم وجوب الأكثر ، لكن عدم وجوبه لا يلازم عدم وجوب الأقل حتى يلزم عدم الانحلال ، لما عرفت من أنّ وجوب الأقل ليس نابعاً من العلم الإجمالي حتى يتوقف بقاؤه على حفظ العلم الإجمالي ، بل وجوبه يتوقف على وجود العلم بوجوب العنوان ، الصادق على الأقل والأكثر ، فوجوب الأقل يتوقف على صدق العنوان ، ووجوبه لا يتوقف على شيء ، لأنّه محرز بالوجدان ، لكن لا يحتج به على وجوب الجزء المشكوك بل يحتج على المتيقن منه.
والعجب انّ عصارة الجواب موجودة في كلام المحقّق النائيني قال :
__________________
١. الإسراء : ٧٨.