إنّ وجوب الأقل لا يكون إلا نفسياً على كلّ تقدير سواء كان متعلّق التكليف هو الأقلّ أو الأكثر ، فإنّ الأجزاء إنّما تجب بعين وجوب الكل ولا يمكن أن يجتمع في الأجزاء كلّ من الوجوب النفسي والغيري. (١)
ولو أنّ المحقّق النائيني سار على هذا الجواب لاستغنى عن كثير ممّا ذكره نقضاً وإبراماً.
ثمّ إنّ المحقّق النائيني أجاب عن الخلف بوجه آخر ، قال : إنّ دعوى توقّف وجوب الأقل على تنجز الأكثر ( لأنّ وجوب الأقل على تقدير كونه مقدمة لوجود الأكثر ) إنّما يتوقف على تعلّق واقع الطلب بالأكثر لا على تنجّز التكليف به ، لأنّ وجوب المقدّمة يتبع وجوب ذي المقدّمة واقعاً وإن لم يبلغ مرتبة التنجّز.
وكذا تنجّز التكليف بالأقل ، لا يتوقّف على تنجز التكليف بالأكثر بل يتوقف على العلم بوجوب نفسه ، فانّ تنجّز كلّ تكليف إنّما يتوقف على العلم بذلك التكليف ، ولا دخل لتنجّز تكليف آخر في ذلك. (٢)
وحاصله : أنّ وجوب الأقل مقدّمة تابع لوجوب الأكثر واقعاً ، والبراءة رافعة لتنجّز التكليف بالأكثر لا واقع وجوبه وإن كان غير منجز والانحلال وإجراء أصل البراءة إنّما ينافي تنجّز التكليف بالأكثر ، لا وجوبه الواقعي ، وما هو العلّة لوجوب الأقل مطلقاً هو وجوب الأكثر واقعاً وهو باق ، وإن كان تنجّز الأكثر مرفوعاً بالبراءة.
وأمّا وجوب الأقل نفسياً فهو يتوقف على العلم بوجوبه ، وهو حاصل من دون توقّف على تنجز التكليف بالأكثر.
يلاحظ عليه : أنّ الشق الأوّل غير تام ، لأنّ المقصود إثبات التنجّز بالأقل
__________________
١. الفوائد : ٤ / ١٥٧.
٢. الفوائد : ٤ / ١٥٨.