على كلّ تقدير وهو فرع حفظ تنجّز الأكثر ، وأمّا حفظ الوجوب الواقعي له الأعم من الإنشائي أو الفعلي غير المنجز فلا يكون منتجاً لتنجّز الأقل مطلقاً ، لأنّ النتيجة تابعة لأخسّ المقدّمتين ، وعندئذ لا يحصل منه العلم بتنجّز الأقل مطلقاً بل أمره دائر بين كونه واجباً غير منجز ، وواجباً منجزاً.
إلى هنا تمّ تحليل ما ذكره المحقّق الخراساني ، وهناك تقريبات أُخرى لمنع جريان البراءة العقلية وقد ذكر المحقّق النائيني تقريبين نأتي بهما.
التقريب الثاني لمنع البراءة العقلية
لا إشكال في أنّ العقل يحكم بعدم كفاية الامتثال الاحتمالي للتكليف القطعي ، ضرورة انّ الامتثال الاحتمالي إنّما يقتضي التكليف الاحتمالي ، وأمّا التكليف القطعي فهو يقتضي الامتثال القطعي ، لأنّ العلم باشتغال الذمة يستدعي العلم بالفراغ عقلاً ولا يكفي احتمال الفراغ فانّه يتنجز التكليف بالعلم به ولوإجمالاً ويتمّ البيان الذي يستقل العقل بتوقف صحّة العقاب عليه ، فلو كان التكليف في الطرف الآخر غير المأتي به ، لا يكون العقاب على تركه بلا بيان ، بل العقل يستقل في استحقاق التارك للامتثال القطعي للعقاب على تقدير مخالفة التكليف.
ففي ما نحن فيه لا يجوز الاقتصار على الأقلّ عقلاً ، لأنّه يشكّ في الامتثال والخروج عن عهدة التكليف المعلوم في البين ولا يحصل العلم بالامتثال إلا بعد ضم الخصوصية الزائدة المشكوكة.
ثمّ إنّه قدسسره أتى في كلامه بشيء آخر ، وهو تقريب مستقل لا صلة له بما ذكر بل هو مأخوذ من تقريب المحقّق صاحب الحاشية الذي نقله عنه قبل هذا التقريب. (١)
__________________
١. لاحظ الفوائد : ٤ / ١٥٢ ـ ١٥٥.