يأت من الخارج ما هو معلوم تفصيلاً حتى يكون معذوراً من الزائد المجهول ، بل هو تارك للمأمور رأساً ، وبالجملة فالمطلق والمقيّد من قبيل المتبائنين. (١)
وحاصل الدليل الأوّل : انّه ليس هنا وجوب ليقع مصبّاً للبراءة ، لأنّ الأجزاء التحليلية لا توصف بالوجوب ، كما أنّ حاصل الدليل الثاني ، انّوجود المطلق والمقيّد في الخارج لما كانا متبائنين ، فلو كان الواجب هو المقيّد ، لم يكن الآتي بالمطلق آتياً بالأقل وتاركاً للأكثر ، بل لم يأت منه شيء.
وقبل دراسة هذين الدليلين نقدّم أمراً يعلم به ملاك جريان البراءة العقلية وهو :
انّ ملاك جريانها عبارة عن حاجة المورد إلى البيان الزائد ، فكلّ مشكوك كان الوقوف عليه رهن بيانه فهو مجرى للبراءة العقلية.
ويقال : إنّ وجوب هذا الشيء لم يرد فيه بيان وكلّ ما كان كذلك وكان واجباً في الواقع لكن تركه المكلّف يكون العقاب عليه عقاباً بلا بيان ، هذا ، من غير فرق بين أن يتعلّق الوجوب بعنوان كالصلاة وشكّ في انحلاله إلى الشرط المشكوك كالطهارة والتستر أو يتعلّق الحكم بالمطلق ونشك في تقيّده بالقيد كالإيمان بالنسبة إلى الرقبة ، أو يتعلّق الأمر بالعام ونشك في دخل الخاص المقوّم فيه كما إذا تردد الواجب بين كونه ذبح حيوان أو غنم ، أو تردد وجوب التيمم على الشيء بين الأرض والتراب ، فالملاك في الجميع هو حاجة الشيء المشكوك إلى البيان الزائد ، فلو لم يرد وكان واجباً لكن لم يصل إلى المكلّف يكون العقاب على تركه عقاباً بلا بيان.
إذا علمت ذلك فلندرس الدليل الأوّل في الموارد الثلاثة :
__________________
١. الفرائد : ٢٨٤.