آخر على دخله في حقّ الذاكر.
فإن قلت : إنّ المحاولة وإن صححت إمكان تعلّق الأمر بما عدا المنسي ثبوتاً ، لكنّها لا تجدي في مقام الإثبات ، وذلك لأنّ الناسي ، قصد الأمر المتوجه إلى الذاكر المتعلّق بالمنسي وغيره ، مع أنّ الأمر المتوجه إليه ، هو الأمر المتعلّق بما عدا المنسي ، فما قصده ليس أمر الناسي ، وما هو أمره لم يقصده.
قلت : إنّ الناسي قصد أوّلاً وبالذات الأمر الفعلي المتوجه إليه ، لكنّه تخيّل أنّ الأمر المتوجه إليه هو الأمر المتوجه إلى الذاكر ، غفلة عن حقيقة الحال ، ومثل هذا لا يضرّ ، لأنّه من قبيل الخطأ في التطبيق ، وهذا نظير من اقتدى بالإمام الحاضر جداً ، لكن زعم أنّه زيد فبان أنّه عمرو ، فصلاته محكومة بالصحّة ، لأنّ المقصود الواقعي هو الاقتداء بالإمام الحاضر زيداً كان أو عمراً ، والتطبيق ناش عن الغفلة والجهل بالواقع.
الثاني : انّ الخطاب يتوجه إلى الناسي لا بعنوانه ، بل بعنوان عام ملازم ، كما إذا قال : أيّها البارد مزاجاً صلّ كذا ؛ أو خاص ، كما إذا قال : يا زيد صلّ كذا ، أي يذكر الأجزاء دون السورة ، وإليه أشار المحقّق الخراساني بقوله : أو وجّه إلى الناسي بخطاب يحضه بوجوب الخالي بعنوان آخر عام أو خاص ، لا بعنوان الناسي لكي يلزم استحالة إيجاد ذلك عليه بهذا العنوان لخروجه عنه بتوجيه الخطاب إليه لا محالة.
يلاحظ على هذا الجواب : أنّه مجرّد زعم وخيال لا واقع له لعدم وجود خطاب شخصي في الشريعة ، وأمّا العنوان العام أعني البارد مزاجاً فليس يلازم الناسي ، بل النسبة بينهما عموم وخصوص من وجه.
ثمّ إنّ المطلوب في المقام ، إثبات تعلّق الأمر بما عدا الناسي حتى يحكم بصحّة صلاة الناسي ، وعدم لزوم الإعادة عليه بعد رفع النسيان وما أُفيد من