نعم ما يمكن أن يقال : إنّه لا حاجة إلى إحراز الأمر بماعدا المنسي ، إذا كان لدليل المركب إطلاق بالنسبة إلى الأجزاء الباقية ، ولم يكن لدليل الجزء إطلاق كما هو الحال في الصورة الثالثة إذ معنى إطلاق دليل المركب أنّ سقوط وجوب المنسي وعدم الإتيان به في حالة النسيان لا يُخلّ بمطلوبية الأجزاء الباقية فانّها مطلوبة مطلقاً كان المنسي معه أو لا ، وهذا يلازم وجود الأمر ، فالحاجة إلى إحراز الأمر بما عداه إنّما هو في الصورالثلاث ، أعني الأُولى والثانية والرابعة بحالها.
فإن قلت : فعلى هذا يكون الحكم بصحّة العمل المركب المنسي بعضُ أجزائه ، أمراً غير ممكن ، مع أنّ حديث « لا تعاد الصلاة إلا من خمس » دل على صحّة الصلاة المنسي بعض أجزائها غير الخمسة.
قلت : إنّ القائل بامتناع خطاب الناسي يصحح العمل من جانب آخر وهو : إحراز وفاء المأتي به بالملاك الملزَم وسقوط الأمر باستيفاء ملاكه ، وإن كان إحرازه أمراً مشكلاً.
ثمّ المحقّق الخراساني حاول أن يصحح تعلّق الأمر بما عدا المنسي بوجهين :
الأوّل : أن يكون الواجب في حقّ الذاكر والناسي ماعدا المنسي ، ويختص الذاكر بخطاب يخصّه بالجزء المنسي ، والمحذور في تخصيص الناسي بالخطاب ، لا تخصيص الذاكر ، به. وهذا كما إذا كان الواجب في حقّ الذاكر والناسي ما يتقوم به العمل ، أعني : الأركان الخمسة ، ثمّ يكلّف خصوص الذاكر ببقية الأجزاء والشرائط ، وهذا بالنظر إلى « حديث لا تعاد الصلاة إلا من خمس » الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود ، غير بعيد.
وإن كان الإذعان به يتوقف على دليل قاطع.
وقد أشار المحقّق الخراساني إلى هذا الجواب بقوله : كما إذا وجّه الخطاب ـ على نحو يعم الذاكر والناسي ـ بالخالي عمّا شكّ في دخله مطلقاً ، وقد دلّ دليل