الكلام في مقتضى الأُصول العملية
الكلام في مقتضى الأُصول العملية يختص بما إذا لم يكن في المقام دليل اجتهادي ، وليس هو من هذه الصور إلا الصورة الرابعة : أعني إذا لم يكن لدليل المركب ولا لدليل الجزء إطلاق فأتى بالواجب ما عدا المنسي ، ثمّ ذكر بعد الفراغ من العمل ، والمورد مجرى للبراءة لعدم الدليل الاجتهادي ، في كلا الطرفين إذ الواقع لا يخلو عن أحد أمرين : إمّا أن تكون الجزئيّة مطلقة فتلزم إعادتها ، أو مختصة بحال الذكر ، فيكفي ما أتى به ، فيكون مرجع التردد بين الأمرين إلى الشكّ في ثبوت جزئية الجزء أو شرطية الشرط في حال النسيان وعدمه ، ومعه يكون المرجع هو البراءة.
إلى هنا علم أنّ حكم الصورتين الأُولتين هو البطلان ولزوم الإعـادة ـ لولا حديث رفع النسيان ـ كما أنّ حكم الصورتين الأخيرتين هو الصحّة لجريان البراءة عن جزئية الجزء وشرطية الشرط.
الصحّة رهن التكليف بما عدا المنسيّ
ثمّ إنّ هنا إشكالاً ، أشار إليه الشيخ ، وغيره في كلماتهم. وهو : أنّ رفع الجزئية والشرطية ، أو رفع وجوب الجزء والشرط برفع النسيان ، أو رفع ما لا يعلمون ، لا يضفي على العمل الناقص الصحة ، فمادام لم يتعلّق الأمر بما عدا المنسي فالصحّة رهن تعلّقه به وهو أمر غير ممكن ، لأنّ تكليف الناسي به ، وإيجاب العبادة الخالية عن ذلك ، أمر غير ممكن ، لأنّه لابدّأن يكون الخطاب به بعنوان الناسي ، فإن التفت إليه ينقلب إلى الذاكر ، فلا يكون الحكم الثابت بعنوانه فعليّاً في حقّه ، وإن لم يلتفت فلا يعقل انبعاثه ، ويكون الجعل لغواً.