وعلى ضوء ذلك نقول : جزئية السورة المنسية مرفوع بالنسيان ، كما أنّه مرفوع بالاضطرار والإكراه ، نظير رفع وجوب الوضوء الضرري والحرجي بقاعدتي لا ضرر ولا حرج.
الصورة الثالثة : إذا كان لدليل المركب إطلاق بالنسبة إلى ما عدا المنسي ، كما هو الظاهر من قوله : « لا تعاد الصلاة إلا من خمس » : الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود ولم يكن لدليل الجزء إطلاق مثله ، كما هو الحال في الاستقرار في حال الصلاة الذي ليس له دليل سوى الإجماع ، والمتيقن منه حال الذكر ، فلو نسي وصلّـى بلا استقرار يصحّ الإتيان بما عدا المنسي لافتراض وجود الإطلاق بالنسبة إليه.
وأمّا احتمال جزئية الجزء أو الشرط فيجري فيهما البراءة لفرض عدم الدليل الاجتهادي الدال على وجوبه.
فقد خرجنا بتلك النتيجة : أنّ مقتضى القواعد في الصورتين ـ مع قطع النظر عن حديث الرفع بالنسبة إلى الفقرات الباقية ـ هو بطلان الصلاة في الصورتين الأُولتين ، ولكن بالنظر إلى نسبة حديث الرفع إلى النسيان والاضطرار والإكراه هو الصحّة فيهما.
وأمّا الصورة الثالثة : فالصلاة صحيحة لجريان البراءة في احتمال جزئية الجزء وشرطية الشرط ، فالصحّة في الأُوليين برفع النسيان ، وفي الثالثة برفع ما لايعلمون.
إلى هنا تمّ الكلام في مقتضى الدليل الاجتهادي.
وإليك الكلام في المقام الثاني.