المعلوم عدم صحّته ، فكيف يصحّ انتزاع الجزئية في حقّ الناسي مع عدم وجود منشأ الانتزاع؟
قلت : ما ذكر من الإشكال مبني على كونها منتزعة من الأحكام التكليفية ، وأمّا على القول باستقلالها بالجعل فلا ، كما هو مفاد قوله : « لا صلاة إلابطهور » وغيره ، فإنّ لسانها جعل الجزئية في كلتا الحالتين ، فتكون النتيجة بطلان الصلاة كالصورة الأُولى.
أضف إلى ذلك : أنّ ما ورد بلسان التكليف كقوله : « كبّر » ، « اسجد » ، « تشهّد » أيضاً إرشاد إلى الجزئية ، فيعم الدليل كلتا الحالتين.
فإن قلت : يمكن التمسك بحديث « ما لا يعلمون » لرفع جزئية الجزء في حال النسيان أو لا؟
قلت : الأصل دليلٌ حيث لا دليل ، والمفروض وجود الدليل الاجتهادي على الجزئية في حال النسيان ، وخطابه وإن كان ممتنعاً بالنسبة إلى المنسي ولكن أثر الجزئية إنّما هو بطلان الصلاة ولزوم قضائها بعد رحيله.
تصحيح الصلاة في الصورتين من طريق آخر
يمكن تصحيح الصلاة في هاتين الصورتين من طريق آخر وهو : أنّ نسبة الرفع إلى « ما لا يعلمون » وإن كان رفعاً ظاهرياً مشروطاً بفقد الدليل الاجتهادي ، والمفروض وجوده ، ولكن نسبة الرفع إلى النسيان والاضطرار والإكراه رفع واقعي ، وليس الرفع مقيّداً بعدم وجود الدليل الاجتهادي ، بل مشروط بوجوده حتى يكون حاكماً عليه كسائر العناوين الثانوية من الضرر والحرج ، فيتمسك بها مع وجود الدليل الاجتهادي على خلافها ، فيقدّم حكم العنوان الثانوي على حكم العنوان الأوّلي.